الشباب هم صناع الأمل:الروائي/ محمد عبدالله عبدالله أبكر

الشباب هم صناع الأمل:
الروائي/ محمد عبدالله عبدالله أبكر

الشباب هم القوة الدافعة، هم الفيضان الجارف، شباب يتحدثون بلغة غير لغة النخب المخضرمة والطاعنة، نخب لم تتعلم من المواعظ وحري أن تعلمها الثورة، نخب لا تعترف بتسليم الرايات ولا تعتقد بتعاقب الأجيال..
إن قيام الشباب بثورات في وقتٍ تنبطح فيه قيادات الحكم الأجنبي وتسلمه ليس زمامها فقط بل زمام الأوطان وترهن سيادتها، لذا فمهما كانت الشرعية الدستورية فلن يُعمل لها حساب وحين يثور الشارع تفرض الشرعية الثورية مكانها تلقائياً، التعبير عن إرادة شعبية، الاقتناع بحتمية إزالة مظالم مرفوضة، وضرورة تغيير الأوضاع تغييراً جذرياً، وغياب قابلية تغيير أي وضع قائم من داخل بنيته الهيكلية، والوصول إلى وضع جديد يجد القبول على وجه التعميم..
هذا هو جيل الشباب صانع الثورات، الجيل الذي يئس منا ولم يرضي بحالة السكون التي تعيشها النخب اللهم إلا من تجاذبات أيدلوجية فيما بينها، أو تلك الرموز الحزبية التي أكل الدهر عليها وشرب والتي تحاول أن تعيد  عقارب الساعة للوراء، فلربما تستعيد أيام مجدٍ تولى وأيام حكم قطعاً لن تعود ولكن من حقها أن تحلم حتى ولو كانت أحلام يقظة..
إنه جيل الشباب الذي  يُنظر له بدونية من قبلهم بدونية ويطلقون عليه، هذا الجيل يعيش أزهى مراحل نضوجه الثوري ويعيش روح عصره المتقدم ونحن نحاول أن نتعلم  فليس في ذلك عيب أو نقيصة، هو جيل الانترنت والاعلام الرقمي والمواقع الاجتماعية..
نحن عشنا ثورة العقود الأربعة الأخيرة من القرن الماضي، كنا شهود عيان على تقنيات أذهلتنا وبمقاييس تلك الحقب، تقنيات أذهلتنا لأن البريد الذي أعقب الحمام الزاجل كانت رمزيته طابع البريد، ثم دخلنا عصر البرقيات التي ترسل وتستلم عبر، ثم عصر التلكس، ثم الفاكس فالبيجر وكانت تلك يومها تطورات  تقنية مذهلة..
أما اليوم وقد بلغنا نحن من العمر عتياً ونعاصر الشباب العشريني ونعيش عصر الشبكة العنكبوتية التي أغنتنا عن كل ما ذكرت من، وسائل اتصال بادت فأصبحت بالنسبة لنا من قبيل التراث والتاريخ أما بالنسبة للشباب فتلك الأدوات ما هي إلا وسيلة ومدعاة للتندر والسخرية لبطئها مقارنةً مع التقنيات التي يتعامل معها العالجيله، إنه شباب الانترنت والفيس بوك، تلك مرحلتنا وهذه مرحلتهم شاسعة في الأدوات والتفكير والمفردات والثقافة..
لا يغرنكم منظر جيل شبابنا ولا طريقة ملبسه، فلكل عصرٍ مفرداته، فلنأخذ مثلاً طياري الطائرات المقاتلة، هؤلاء هم شباب عشريني له ثقافته الخاصة، ورمزية لغته، التي يجيد التواصل بها فلو سمعها  أحدنا غيره لأعتبرها شفرة، هؤلاء الشباب لو أخطأنا وحكمنا عليهم من خلال مظهرهم لما قلت أن أمثالهم يقودون تشكيلات واسراب المقاتلات ذات التقنيات العالية وأجهزة التحكم الغاية في التعقيد بل ودقة التصويب الليزري وأن بإمكانهم تدمير التحصينات المحكمة بل وترويض تلك المقاتلات ليقدموا بها عروضاً بهلوانية غاية في الابهار وتخلب الألباب، إنهم شباب يتحكمون في طائرات سرعتها من سرعة الصوت بل أسرع، فمن يستهين بهم ويطمئن لسوء تقديره بأنهم لا يملكون إرادة التغيير، فهذا نوع من الاطمئنان المُضلل، فمثله يشبه  خادع النفس ونكران ما لا يحق نكرانه، ومن يعتقد بهذا فهو إما يجهل حقائق التاريخ والتطور وإما متغافل..
إن حقائق التاريخ والتطور هي عوامل ثابتة في ذاتها ولكنها  متحركة في ديناميتها ويجب أن لا نسئ التقدير حتى لا نفاجأ فداحة ومدى سوء التقدير الذي قد نقع فيه، فطوبى لكل الذين ناضلوا بالقلم وبالكلمة الحرة، والأقلام الطاهرة غير القابلة للبيع في أسواق نخاسة المبادئ طوبى للحناجر التي ما هتفت إلا هتافات الحق والحرية، وطوبى للأكف التي صفقت لمجد الأمة ولعزتها ولكرامتها..
لقد كتبت الشوارع والميادين تعريف الشارع من جديد، وأكدت للعالمين بأنها أرحب وأرقى وأغنى، وأكثر دفئاً وحميمية من كل شوارع الدنيا، فهذا هو زمان أمتنا وشوراعنا وجدنا قد عاد، فهل فهمت أنظمة القمع والاستبداد والفساد هذا المفهوم الجديد الذي صاغته الدماء قبل الحناجر؟.
أم أن البلادة بلغت حد الاستعصاء على الفهم؟.
كم هو جميل أن يكتب الإنسان عن النصر، وعن شعورالفرح الغامر الذي يملأ كل خلايا،  كم هو جميل أن ترى حروف الكلمات تتراقص وتتمايل طرباً على الأوراق، سنوات طويلة انقضت ونحن نكتب عن الحزن الدفين، وعن أشكال القمع والإستبداد والإضطهاد، سنوات ونحن نكتب بلا حرية أو كرامة لأن الأجهزة الظالمة كانت لنا و لأقلامنا وافكارنا دائما بالمرصاد..
إن الشعوب لا تموت وفتحيا الأوطان، لأن الشباب الأمجاد يصنعون تأريخها فتكتسب ديمومتها لتعيش حضارتها على صفحات التأريخ، لقد تعلمنا أنّ صبر الابناء لا يعني القهر، قدرماً يعني صناعة النصر، مشاهد حافلة بأولئك الذين صنعوا النصر بتنشئة جيل النصر، بهؤلاء الآباء والأمهات، الذين رأينا وسمعنا نماذج عنهم ممّن فقدوا في الثورة شهداء قدّموا أرواحهم من أجل كرامة أمتهم وأهليهم وبلدهم..
نحن أننا نعيش أزمة الوطن والمواطنة، أزمة الانتماء والهوية ونعيش بين أزمة النظام وأزمة دولة، تتعرض المنطقة إلى رياح عاصفة تحمل في طياتها، وفي دوافعها واستهدافاتها، سمات عصر العولمة وثورة تكنولوجيا الاتصالات..
قوة هذه الرياح العاصفة، تتناسب طردياً مع درجات الثبات النسبي الطويل لبعض أنظمة الحكم التي تميزت بالاعتماد على أجهزة قمعية تفوق في أعداد المنتسبين لها، أعداد الجيوش الرسمية، عالم اليوم غير عالم الأمس، شباب اليوم قطعاً ليس شباب الأمس، فعندما يثور الشباب ويقود الشارع فيتناسى الناس  جهوياتهم والاثنياتهم وانتماءآتهم الدينية والطائفية وهي اتبقى ولكن في حدود الشخص وحرية العبادة وعندها ستسود ثقافة الوطن والمواطنة، وطن الجميع فيه متساوون، وطن ينعم بديمقراطية  وانتخابات حرة ونزيهة وحرية إعلام  بلا وزارة تقيده، بلا فساد ومفسدين، وطن الشفافية والعدالة والحرية، أجمل ما في ثورات الشباب أنهاا كشفت لنا أن أكذوبة وفزاعة الاسلام السياسي وفق الأجندة الخارجية..

أرائكم عبر البريد الالكتروني: mohammed60702736@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *