ظاهرة قراءة الفنجان:الروائي/ محمد عبدالله عبدالله أبكر

ظاهرة قراءة الفنجان:
الروائي/ محمد عبدالله عبدالله أبكر

يحاول الإنسان أن يعرف المستقبل بدافع الفضول أو عدم الأمان أو رغبة منه للحصول على القوة أو المتعة، وهو يسلك طرقاً كثيرة ومتعددة طلباً لتلك المعرفة، منها قراءة الأبراج، والكف، وحظك اليوم، وقراءة الفنجان، وورق الكوتشينة، وضرب الودع، أو الاستعانة بالعرافين والوسطاء الروحيين..
وصلت إلى الثلاثين من عمرها بينما هي حلو الطلعة ومظهرها جذاب، تقدم إليها الكثير من الشباب، ولكن في لحظة ما يتركها من أعجب بها بدون سبب واضح، تعبت أسيا من هذا اللغز، أشارت عليها صديقتها أن تذهب إلى سيدة قارئة الفنجان، لأنها قادرة على فهم الامور الغامضة..
ذهبت أسيا إلى قارئة الفنجان، وكلها شوق إلى هذا اللقاء، دفعت أسيا مبلغاً من المال لقارئة الفنجان، وقد طلبت من أسيا أن تتحدث إلى الفنجان ثم تطبع بصمتها فيه وقد أطاعت أسيا كل التعليمات كما هيَّ..
صبَّت السيدة الفنجان على الطبق فظهرت أشكال معينة فسَرَتها السيدة بأن هناك سحر قد عمله شخص لأسيا ولابد من فكه، فرحت أسيا، فرحاً شديداً، وشعرت أن مشكلتها ستنتهي، وبعد عدة زيارات لفك عمل السحر رأت قارئة الفنجان رسمة حذاء في بقايا القهوه في الطبق وفسرت ذلك بأن هناك عريس قادم ليخطبها..
طارت أسيا من الفرح وشعرت أن حياتها أصبحت ورديه، وبالفعل تقدم إليها أحد الشباب وتزوجته، لكن الحياة لم تكن بالسعادة التي تصورتها الفتاة، إستمرت في علاقتها مع قارئة الفنجان حتى أصبحت زبونة دائمة لديها، وبالتدريج تكبلت أسيا بقيود حولت حياتها إلى صراع مستمر مع أرواح الشر..
كانت تشعر بوجود أرواح الشر في المنزل وأن الأشباح تطاردها حتى لم تعد قادرة على النوم، وكلما ذهبت إلى قارئة الفنجان كانت تخبرها أن أحد الأشخاص قد عمل لها سحراً، تارة من أقاربها وتارة أخرى من أقارب زوجها، تحطمت علاقتها بعائلتها وعائلة زوجها..
فقدت أسيا حريتها وأصبحت غير قادرة على الحياة بمفردها فكانت غير قادرة على إتخاذ أي قرار إلا بعد التشاور مع قارئة الفنجان والأخذ برأيها، إمتلأ رأسها بالهلوسات فازداد خوفها وازدادت عزلتها وأصابها الضعف والهزال، هذا مثال لقصص كثيرة تحدث عندما نتواصل مع عالم الأرواح الشريرة ولو على سبيل التسلية..
يحاول الإنسان أن يعرف المستقبل بدافع الفضولية أو عدم الأمان أو رغبة منه للحصول على القوة أو المتعة، وهو يسلك طرقاً كثيرة ومتعددة طلباً لتلك المعرفة، منها قراءة الأبراج والكف وحظك اليوم أو قراءة الفنجان وورق الكوتشينة أو ضرب الودع أو الاستعانة بالعرافين والوسطاء الروحيين..
الشياطين لا تعلم المستقبل حتى أن الله تحدى أصنامها إن كانت تعلم شئ فلتخبرنا به، لكن في بعض الأحيان يخبرون الناس بأشياء حدثت بالفعل في الماضي وأيضاً بأشياء سوف تحدث في المستقبل، الماضي معروف ومكشوف وليس سراً للأرواح، وخداع إبليس يكمن في أنه يخبر الشخص بأمر معين قد حدث في الماضي فينبهر ذلك الإنسان بقدرة العرَّاف على كشف الأسرار..
لا يمكن لإبليس أن يعرف المستقبل، ولكنه يستطيع أن يستنتج أموراً بناءاً على ما يعرفه من الماضي وعن شخصية الإنسان الذي يلجأ لروح العرافة، في الحقيقة، لا يمكن توقع ماذا يحمله الغد من مجرد معرفة الماضي، فأحداث الحياة لا تُبنى على الماضي فقط بل كثيراً ما تسير في مسارات غير متوقَعة..
في أغلب الأحيان يرغب إبليس في السيادة على إرادة طالب المعرفة وغالباً ما يخبره بما ينوي أن يفعله معه من خلال السيطرة عليه، لذلك بعد اللجوء إلى العرافة لقراءة الفنجان أو غيره لمعرفة الطالع يبدأ إبليس رحلته في محاصرة الشخص وإحكام سيطرته عليه لكي يدمر حياته ويفعل معه ما قرره الشيطان لمستقبله وقد توقعه وصدقه الإنسان بخضوعه لأرواح الشر..
لذلك إن العرافين لا يمتلكون المعرفة الحقيقية لكنهم يستدرجون الأشخاص بالإحتيال ثم يدمرون حياتهم بالسيطرة عليهم لتقرير مصيرهم، بمسائلة إحدى قارئات الفنجان أخبرت أنها لا تعتمد بشكل كبير على الرسومات التي تراها بل تعتمد أكثر على التفسير الذي تحصل عليه من الروح الشرير الذي بداخلها، وللأسف يمزجون الأمر بالدين، فتجد البعض منهم عندما يقول أمر سئ لطالب المعرفة يخبرونه بنصائح دينية مثل قراءة كتاب الله والذهاب إلى بيت الله بحسب كل ديانة، وهذا لكي ينجح روح الضلال في عمله الشرير بخداع الإنسان تحت إسم التدين..
الخطر الذي يحدث عند قرائة الفنجان أو البحث عن الطالع أو سلوك أية طرق  أخرى بعيدة عن الله، قد يذهل البعض ممن يقرأون الفنجان ويخبَرون عن حقائق وأسرار من الماضي، وعندما ينبهرون بقدرة القوى الغير مرئية على معرفة الماضي، يصدقون أن لهذه الأرواح القدرة على التحكم في مصائرهم، وهنا يكمن خطر غير حقيقي أن عدو الخير يتحين الفرص لكي يقوم بالتواصل مع عقلنا الباطن، وهو لا يتوان عن التهديد والوعيد مذكراً إياناً بقدراته الوهمية وتحدياته الكاذبة..
لحظة دخولك عند قارئ الفنجان أو الساحر فأنت بذلك تعلن خضوعك وطاعتك لأوامره، أي أنك تدخل في عهد مع إبليس، وتصبح متاحاً لسيطرة الأرواح الشريرة على عقلك وذهنك وكل بيتك وعملك..
عندما يرمي لك إبليس الطعم ويخبرك بأمر ما قد حدث في الماضي فانك تصدقه، وبذلك يخبرك بمستقبل هو نفسه يرغبه لك فإنك بالتالي تصدق أن ذلك حقيقي، وكأنك تعطيه موافقتك وتوقيعك أن يفعل بك ما قرره لك. نعم، إن إبليس يسعى إلى إستدراج الإنسان حتى يسرق حياته ويدمره بطرق متنوعة قد تصل إلى الموت الجسدي والأبدي..
إذن فالنتيجة الحتمية للتعامل مع قرائة الفنجان هي قبول كل ما تقرره الأرواح الشريرة لحياتك، وبالطبع هي لا تقرر أبداً سوى تدميرك وانتهاء حياتك في الجحيم..
أرائكم عبر البريد الالكتروني: moh66m10@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *