استوقفتني آية

استوقفتني آية (1)

أ. أحمد مدو كيوم

كنت مع سورة الشعراء حتى وصلت الآية(22)، استوقفني الحوار الذي دار بين نبي الله موسى وفرعون، لنستنبط منه ملاحظات علها تنير طريق المشاركين في الحوار.
( قال فرعون وما رب العالمين ) فيجيبه موسى مع علمه لنكرانه وتعنده، إجابة كاملة غير منقوصة (قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين)
فيقول مستهزئا لمن حوله ألا تستمعون؟ نبي الله لم ينتظر طويلا ولم يعط فرصة لتجذر الباطل وانتشاره وتصديق الناس له، فقال مباشرة (ربكم ورب آباءكم الأولين)،
فما كان لفرعون من حيلة إلا أن وصفه بالجنون ( إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون)، هكذا هم الجاحدون للحق، عندما يعجزون عن الإتيان بجج ومبررات منطقية مقبولة، يلجأون إلى لغة التهديد كما يفعله جميع الطغاه والمتغطرسين على مر التاريخ.
(قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين). ومع ذلك الحق واضح يحترمه كبار النفوس وإن كانوا على عكسه، فغير موسى نبرات صوته وأسلوب حواره إلى عرض البرهان، تحول من الخطاب اللفظي إلى دليل محسوس وملموس، فقال له: ( أولو جئتك بشيء مبين) فقبل الأخير العرض مع أنه متشبث بكفره، واشترط عليه الصدق ( إن كنت من الصدقين) لأنها صفة حميدة، يحبها ويتقبلها كل الناس وإن كان مقصده غير ذلك.
بكل ثقة وجرأة (قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقول)، وأيضا بكل ثقه ( فألقى موسى عصاه )، والنتيجة: انتصار عظيم (فألقي السحرة ساجدين).
وعليه، لإنجاح أي حوار حقيقي تحتاج إلى:

  • أن تصدق مع نفسك أولا وفي طرحك ثانيا.
  • إستخدام أسلوب يتناسب مع المكان والزمان ومن تحاوره، باللطف واللين.
  • توفير حجة وبراهين قاطعة.
  • صبر وتحمل وقبول الآخر.
  • قوة الشخصية والثقة بالنفس مع حضور أنيق ومهذب.
  • الإيمان بالقضية والثبات عليها، رغم المغريات والتهديات.

ستنتصر ولو بعد حين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *