أفكار ومقترحات للتعامل مع الأزمة الغذائية الراهنة


بقلم: د. حسب الله مهدي فضله


في مداخلتي التي قدمتها في لقاء معالي رئيس الوزراء مع قادة منظمات المجتمع المدني حول الأوضاع الراهنة بحضور بعض أعضاء الحكومة يوم الاثنين ٣٠ مايو المنصرم، تطرقت إلى مجموعة من النقاط في مقدمتها ضعف خطوات تطبيق الثنائية اللغوية وإقصاء مثقفي العربية ، وأحداث كوري بوقودي وتداعياتها وبعض النقاط الأخرى التي تهم مجتمعنا التشادي في هذه الأيام.
وفي مقدمتها أزمة غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة للمواطنين، فكان مما ذكرته حينها:
(على الحكومة أن تسعى لإعداد خطط وقائية استباقية للأزمات المتوقعة بناء على المؤشرات الدالة على ذلك لا أن تنتظر وقوع الفأس على الرأس ثم تتحرك.
ونظرا لما بدا واضحا من تأثير الحرب الأوكرانية على الأوضاع المعيشية في بلادنا بسبب اعتمادنا على المواد المستوردة من الخارج، فإني أقترح أن تعلنوا معالي السيد رئيس الوزراء خطة إنقاذ عاجلة بإعلان سنة ٢٠٢٢م سنة زراعية بحيث تحشد لها كافة الطاقات والإمكانات، وتعلن الحكومة للتجار والمستثمرين بأن كل شيء يتعلق بالزراعة سيكون معفوا من الجمارك، سواء البذور العادية أو المحسنة أو السماد أو الآلات الزراعية ونحوها، بالإضافة إلى الاستعانة بالخبراء وذوي التجارب المماثلة ).
كان ذلك قبل يومين او ثلاثة من إعلان حالة الطوارئ الغذائية.
♡♡♡
واليوم في خطبة الجمعة بمسجدنا في حارة ساجيرى تطرقت إلى الموضوع نفسه من زاوية أخرى وهي كيفية التصدي لأزمة غلاء المعيشة على ضوء هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
فذكرت فيها أنه من أهم المتطلبات اللازمة للخروج من هذه الأزمة : العودة إلى الله بالتوبة والاستغفار والالتزام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل حركاتنا وسكناتنا، ليس في مجال الالتزام بالشعائر الدينية بمفهومها الشائع بل حتى بأن يلتزم كل منا بإتقان عمله وإجادته وإخراجه بصورة سليمة، محتسبا في ذلك الأجر والثواب من الله تعالى ، تطبيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ).
وهذا يعني أن سعيك لتحقيق الجودة والإتقان في مهنتك سواء كنت معلما أو طبيبا أو مهندسا أو مزارعا أو إداريا، سيكون نوعا من عبادة الله وتجد الأجر والثواب عليها، وفي الوقت نفسه تكون قد أسهمت في معالجة الأزمة وتحقيق جزء من متطلبات المجتمع الذي تعيش فيه.
كذلك من الحلول العملية التي نستفيدها من التوجيهات القرآنية لمعالجة هذه الأزمة الغذائية: استخلاص الدروس والعبر من تجارب الأمم السابقة والأنبياء والمرسلين الذين قص الله علينا قصصهم وأخبارهم، وبيّن الهدف من ذلك فقال تعالى:(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).
وإن من أبرز ما يتصل بحالتنا الراهنة هذه قصة نبي الله يوسف عليه السلام الذي كان أول من أعلن حالة الطوارئ الغذائية في تاريخ البشرية كافة، ووضع خطة استراتيجية للتعامل مع أزمة المجاعة المتوقعة آنذاك وكيفية الخروج منها، فقال لأهل مصر كما حكى الله ذلك: (تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ).
فمن خلال تأمل قصة نبي الله يوسف عليه السلام نجد أن خطته للتعامل مع الأزمة الغذائية تقوم على أربعة عناصر:
عنصران يتعلقان بالخطوات الإجرائية التي تُتّخذ، أولهما: إدارة الموارد المادية المتاحة والمحافظة عليها لأطول فترة زمنية ممكنة: (فذروه في سنبله)، وثانيهما: ترشيد الاستهلاك (إلا قليلا مما تأكلون).
وعنصران يتعلقان بصفات الشخص المشرف على تنفيذ الخطة: وهما : الخبرة والأمانة.
(قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم).
ولا شك أننا إذا طبقنا هذه التوجيهات القرآنية والحلول المستمدة والمستنبطة من كتاب الله تعالى، سواء على مستوى الأفراد أو الدولة، سنجتاز هذه الأزمة ونصل إلى بر الأمان، أما حين نعرض عن هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. ونبحث عن حلول ترقيعية من هنا وهناك، فإن أمامنا ذلك التهديد الخطير الذي يلاحق المعرضين في الدنيا والآخرة: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ).
نسأل الله أن يهدينا جميعا ويوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين عامة ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.


🎤🎤🎤🎤
في مداخلتي التي قدمتها في لقاء معالي رئيس الوزراء مع قادة منظمات المجتمع المدني حول الأوضاع الراهنة بحضور بعض أعضاء الحكومة يوم الاثنين ٣٠ مايو المنصرم، تطرقت إلى مجموعة من النقاط في مقدمتها ضعف خطوات تطبيق الثنائية اللغوية وإقصاء مثقفي العربية ، وأحداث كوري بوقودي وتداعياتها وبعض النقاط الأخرى التي تهم مجتمعنا التشادي في هذه الأيام.
وفي مقدمتها أزمة غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة للمواطنين، فكان مما ذكرته حينها:
(على الحكومة أن تسعى لإعداد خطط وقائية استباقية للأزمات المتوقعة بناء على المؤشرات الدالة على ذلك لا أن تنتظر وقوع الفأس على الرأس ثم تتحرك.
ونظرا لما بدا واضحا من تأثير الحرب الأوكرانية على الأوضاع المعيشية في بلادنا بسبب اعتمادنا على المواد المستوردة من الخارج، فإني أقترح أن تعلنوا معالي السيد رئيس الوزراء خطة إنقاذ عاجلة بإعلان سنة ٢٠٢٢م سنة زراعية بحيث تحشد لها كافة الطاقات والإمكانات، وتعلن الحكومة للتجار والمستثمرين بأن كل شيء يتعلق بالزراعة سيكون معفوا من الجمارك، سواء البذور العادية أو المحسنة أو السماد أو الآلات الزراعية ونحوها، بالإضافة إلى الاستعانة بالخبراء وذوي التجارب المماثلة ).
كان ذلك قبل يومين او ثلاثة من إعلان حالة الطوارئ الغذائية.
♡♡♡
واليوم في خطبة الجمعة بمسجدنا في حارة ساجيرى تطرقت إلى الموضوع نفسه من زاوية أخرى وهي كيفية التصدي لأزمة غلاء المعيشة على ضوء هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
فذكرت فيها أنه من أهم المتطلبات اللازمة للخروج من هذه الأزمة : العودة إلى الله بالتوبة والاستغفار والالتزام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل حركاتنا وسكناتنا، ليس في مجال الالتزام بالشعائر الدينية بمفهومها الشائع بل حتى بأن يلتزم كل منا بإتقان عمله وإجادته وإخراجه بصورة سليمة، محتسبا في ذلك الأجر والثواب من الله تعالى ، تطبيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ).
وهذا يعني أن سعيك لتحقيق الجودة والإتقان في مهنتك سواء كنت معلما أو طبيبا أو مهندسا أو مزارعا أو إداريا، سيكون نوعا من عبادة الله وتجد الأجر والثواب عليها، وفي الوقت نفسه تكون قد أسهمت في معالجة الأزمة وتحقيق جزء من متطلبات المجتمع الذي تعيش فيه.
كذلك من الحلول العملية التي نستفيدها من التوجيهات القرآنية لمعالجة هذه الأزمة الغذائية: استخلاص الدروس والعبر من تجارب الأمم السابقة والأنبياء والمرسلين الذين قص الله علينا قصصهم وأخبارهم، وبيّن الهدف من ذلك فقال تعالى:(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).
وإن من أبرز ما يتصل بحالتنا الراهنة هذه قصة نبي الله يوسف عليه السلام الذي كان أول من أعلن حالة الطوارئ الغذائية في تاريخ البشرية كافة، ووضع خطة استراتيجية للتعامل مع أزمة المجاعة المتوقعة آنذاك وكيفية الخروج منها، فقال لأهل مصر كما حكى الله ذلك: (تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ).
فمن خلال تأمل قصة نبي الله يوسف عليه السلام نجد أن خطته للتعامل مع الأزمة الغذائية تقوم على أربعة عناصر:
عنصران يتعلقان بالخطوات الإجرائية التي تُتّخذ، أولهما: إدارة الموارد المادية المتاحة والمحافظة عليها لأطول فترة زمنية ممكنة: (فذروه في سنبله)، وثانيهما: ترشيد الاستهلاك (إلا قليلا مما تأكلون).
وعنصران يتعلقان بصفات الشخص المشرف على تنفيذ الخطة: وهما : الخبرة والأمانة.
(قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم).
ولا شك أننا إذا طبقنا هذه التوجيهات القرآنية والحلول المستمدة والمستنبطة من كتاب الله تعالى، سواء على مستوى الأفراد أو الدولة، سنجتاز هذه الأزمة ونصل إلى بر الأمان، أما حين نعرض عن هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. ونبحث عن حلول ترقيعية من هنا وهناك، فإن أمامنا ذلك التهديد الخطير الذي يلاحق المعرضين في الدنيا والآخرة: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ).
نسأل الله أن يهدينا جميعا ويوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين عامة ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *