ردا على مداخلة مدير المركز الوطني لإعداد المناهج بتشاد

تحية طيبة وبعد، أرجو أن تصلك رسالتي وأنت بموفور الصحة والعافية.
مع أني لا أعرف الجهة التي حاورتك وبأي مناسبة، لكن المقطع وصلنا عبر وسائط التواصل.
أولا أحييك على هذا الطرح والجرأة في الظهور غير المعهود لدى الكثيرين من مسؤولينا الكبار لأسباب نجهلها، وأنت تحدثت بكل ثقة عن مواضيع مهمة جدا في التربية والتعليم والتنمية، وأكدت للعالم بأنك فعلاً خبير تربوي، من خلال حديثك اكتشفنا بأنك تمتلك خبرات تربوية وإدارية متراكمة، وتحدثت عن تجارب ناجحة لدول كانت حالها مثلنا أو أسوأ، استطاعت عن تنهض وتلحق بقطار التطور، وتُعدِدْ أسباب وجيهة وواقعية تعرقل الرقي بالتعليم، وذهبت إلى أبعد من ذلك حتى تمكنت من وصف نظامنا التعليمي بالقديم، التقليدي، المستورد، والعقيم، وهذا كله صحيح، والجميع يشاطرك الرأي، ثم لمحت إلى تحويل هذه العجوز بأنظمة أخرى فنية، كأنك تشخص المشكلة وتقترح لهم حلول، وفي الحقيقة أنت المعني مع طاقمك الإداري والفني، لأنك على رأس مؤسسة عريقة منوطة إليها أمر إعداد المنهج الدراسي، هلا نظرت في أمرها، ما إذا كان ناجح أم لا؟ دكتورنا الفاضل، لقد لعبت دور المحلل السياسي، تناولت الموضوع بكل حيادية مع أنك جزء من المنظومة، تدير مركز تربوي بمثابة الدينامو والمحرك الرئيسي لوزارة التربية والتعليم، يمثل عنصر مهم جداً في العملية التعليمية، مع ذلك مررت على نفسك كمسؤول وعلى مؤسستك كجهة اعتبارية مرور الكرام، لم تتحدث عنهما سلبا ولا إيجابا، غريب أن نجد شخصية بحجمك، خبيرا في مجالك، يعجز إحداث تغيير في المؤسسة التي يترأسها لسنين عددا، لا يدخل ولا يخرج ولو بعوض إلى المركز دون علمك، الدورات التدريبية، محتواها، ومن يشاركون ، كلها تحت إشرافك مباشرة، وأنت ثان مدير منذ إنشاء هذا القسم، لسان حال أغلب العاملين بالقطاع التعليمي لم نجد نتائج ملموسة مرضية إلى الآن، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار كمية المدخلات، الفترة الزمنية، والمخرجات المنتظرة، مراحلنا التعليمية مجتمعة في انتظار كتبها وبرامجها التربوية منكم، نسمع ونشاهد عبر أثير الإذاعات المحلية وشاشات التلفزيونات عن إقامة دورات في مجالات مختلفة وعن الكتب مراجعتها وطباعتها، وتتلقون هبات من الدول الصديقة بعضا من المستلزمات كمطبعة للكتب، ولكن الواقع شيء آخر، ظهرت كتب بأخطاء ثم أعيدت للمراجعة، وأخرى تجريبية، ولكن الساحة لا تكذب ولا يحتاج أحد إلى مجهر ليرى الحقيقة، من الأساس إلى الثانوي وجميع المواد المقررة، الأدبية منها العلمية في انتظارها لكتاب مدرسي ودليل للمعلم، كما ذكرت بنفسك في المقطع ” إذا فسدت الأنظمة يجب استبدالها” إذا أنت محكوم بما قلت وما وضعته كقانون، إذا كنت تشعر بأن الدولة تنفق مليارات سنوياً في لاشيء، وأنت تمثل كيان مهم تصلك نسبة محترمة لتسييره، دون أي إنتاج وكأني فيك إحساس لعدم الرضا الوظيفي، أليس من الأفضل لك تقديم الإستقالة، على الأقل ليسجلك التاريخ بخط عريض ضمن الوطنيين الذين يقدسون بلدانهم ويقدمون في سبيله أغلى ما يملكون وإن كان منصب يمطر عليهم الأموال بالساعات، وأخيراً ختمت بمقولة جميلة جدا ” أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي” وعليه، ليكن أمامك خياران لا ثالث لهما، إما محاولة تغيير الواقع أو مغادرة تلك المملكة بشرف، القرن الواحد والعشرين بأمس الحاجة إلى مواقف الرجال وأفعالهم لإحداث نقلة نوعية في الأنظمة التعليمية، من العار جدا أن نتحدث أمام العالم والمنظمات الدولية المعنية بالتربية والتعليم في هذا العصر بالذات، عن غياب منهج موحد، وكتاب للطالب ودليل للمعلم، حتى الفلسفة والسياسة التعليمية غير واضحة، كفانا تنظيرا، ووعود عرقوب، وأقوالاً لا يترجم على أرض الواقع، التاريخ لايرحم، أبناءكم في إنتظار بصماتكم ليتفاخرون بها من بعدكم، وأنتم الآن في موقف القوة والقدرة لتوفر السلطة والمسؤولية المنوطة إليكم، بإمكانكم تصحيح المسار بجرة قلم مع الإرادة، حتى لاتنفلت منكم هذه السانحة وحتى لا تصلوا إلى مرحلة الندم والحسرة، وفقكم الله وسدد خطاكم.
اعتذر لك مقدماً إن أخطأت في حقك أو خاطبتك بقسوة وبأسلوب لايليق بك، كلما في الأمر أردت تنبيهكم لجانب قد غاب عنكم، وكلنا يكمل الآخر.

أ. أحمد مدو كيوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *