برافو تشادالشعب التشادي أثبت أنه شعب معلِّم   د. عزالدين مكي إسحاق

برافو تشاد
الشعب التشادي أثبت أنه شعب معلِّم
د. عزالدين مكي إسحاق

تابعت وبشغف - كصحفي ومراقب مستقل- معركة الانتخابات الرئاسية 2024م. التي خاضها الشعب التشادي تحت أجواء سادها الهدوء، ووسط تكهنات أثارت القلق خاصة عشية عملية الاقتراع التي أجريت يومي الخامس والسادس من مايو الأغر.

وتابع العالم بكل اهتمام وترقب كيف يمارس التشاديون حقهم الديمقراطي، وكيف تتم عملية الاقتراع، وهل تمر بسلام أم...أم. الحمد لله فقد مرَّت الانتخابات بكل هدوء، ومارس كل ناخب حقه بفهم تام ووعي كامل. وخرج التشاديون شيباً وشباباً رجالاً ونساء منذ ساعات الصباح الباكر ليؤدوا واجبهم الوطني... وهنا نسجل صوت شكر للمرأة التشادية التي خرجت بكثرة لاختيار ما تراه مناسباً لقيادة البلاد في الفترة القادمة.

لا يغيب ولا يخفى على كل مراقب حصيف مدى الوعى الذي وصل إليه الشعب التشادي، ولولا ارتفاع نسبة الأمية لقلنا إن الشعب التشادي وصل – في مستوى وعيه - إلى مستوى الشعوب الأوروبية التي اتخذت الديمقراطية الطريق الوحيد لتداول السلطة.

ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين الشعب التشادي والشعوب الأوروبية نجد أن الشعب التشادي مرَّ بتجارب مماثلة في العصر الحديث، مثلما مرت بها أوروبا خلال العصور الوسطى والحروب الصليبية، والحربين العالميتين الأولى والثانية في العصر الحديث، وعايش الأضرار التي خلفتها تلك الحروب، من قتل وتشريد الملايين من البشر وتدمير حضارات بأكملها.
مثلما عاش الشعب التشادي حروباً وصراعات داخلية ومجازر منذ عهد الاستعمار الفرنسي، مروراً بحركة فرولينا وحرب التسعة أشهر وحركات التمرد التي أودت بحياة المئات من التشاديين وشردت الأسر ويتمت الأطفال ورملت النساء وأثكلت الأمهات، واضطر المئات من اللجوء إلى الخارج حيث المصير المجهول…. كل هذه المعاناة عايشها الشعب التشادي على مر الحقب والأزمان، مما جعله أكثر شعوب القارة والإقليم فهماً وإدراكاً لمخاطر الحروب وعدم الاستقرار.
ومشاركة أكثر من أربعين حركة عسكرية سياسية في هذه الانتخابات لدليل على أن التشاديين اقتنعوا بضرورة الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.
وعبارة” ندورو عافي” التي يرددها التشاديون صباح مساء لدليل على أنه لا حياة بدون العافية، لأن العافية هي الأمن وهي السلام وهي الاستقرار وهي السعادة والحياة الكريمة، ولا يمكن أن تتحقق العافية إلاً بانتقال السلطة عن طريق السلم، وهي الديمقراطية.
وأن ما يحدث في دول الجوار من حروب وصراعات، تجاوزها الشعب التشادي، لأنه خبرها وعرف أضرارها.
وأخيراً صوت شكر وتقدير نقدمه للمترشحين العشرة الذين تحلوا بالحكمة في طرح برامجهم السياسية أثناء الحملة الانتخابية، وفي رسائلهم الأخيرة تمنوا أن تدير الوكالة الوطنية للانتخابات عملية فرز الأصوات بطريقة شفافة، وأن يقبل كل واحد منهم النتائج بصدر رحب، حتى نجنب بلادنا الفتن والخلافات.
أما إدارة الحملة الانتخابية فقد كانت ناجحة بحق، على الرغم من الظروف الصعبة التي رافقت العملية الانتخابية، نسبة الارتفاع الشديد لدرجات الحراة وانقطاع التيار الكهربائي وصعوبة الحصول على مياه الشرب في انجمينا وبعض مدن البلاد.
كما لاحظنا في هذه المرة غياب مظاهر الفرح كالموسيقى والرقصات الشعبية عن شوارع العاصمة انجمينا، كما هو المعتاد في مثل هذه المناسبات، حيث اقتصرت الحملة على أصحاب السيارات الفارهة التي تَـَتـقـدَّل في شوارع العاصمة بغرور وتعالي، وهو ما أشعر الإنسان العادي بالتهميش…. وحتى الحفلات كانت دكاكينية، مثل حفلات الأعراس داخل حوش والأبواب مغلة، كما حرم الأطفال من المشاركة البريئة عبر حفلات الموسيقى والغناء التي كانت تقام في الشوارع والأماكن العامة.
نأمل ونرجو من الله العلي القدير أن يستمر هذا الهدوء الذي واكب عملية الاقتراع حتى إعلان النتائج وتنصيب الرئيس المنتخب…. وهذا ما يتمناه الشعب التشادي ليؤكد من جديد أنه شعب معلم …شعب بطل بحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *