المجلس الإسلامي:
يقيم حفلا دينيا كبيرا بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف

أقام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بجمهورية تشاد: حفلا دينيا كبيرا بمناسبة ذكرى ميلاد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك مساء يوم الثلاثاء 11/ربيع الأول للعام 1445هجرية الموافق 26/ سبتمبر / 2023م بحضور ممثل رئيس الجمهورية وزير إدارة الأراضي واللامركزية والحكم الرشيد ليمان محمد والنائب الأول لرئيس المجلس الوطني الانتقالي ورئيس المجلس، وعدد كبير من ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى البلاد وممثل سلطان مدينة أنجمينا وضواحيها وسلطان باقرمي محمد بانغ حجي ولي يوسف وسلطان مدينة كسري الكاميرونية وجمع غفير من المحبين والمحبات لرسول الله صلى الله عليه وسلم إضافة إلى المادحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومدراء مراكز محو الأمية وشيوخ الزوايا والمقدمين في الطريقة التجانية.


وفي كلمته الرسمية بهذه المناسبة تناول فضيلة الشيخ الدكتور محمد خاطر عيسى: الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والحياتية بشكل عام .
وقال: الحمد في الأولى والآخرة وإليه المرجع المئاب. نحمده سبحانه وتعالى الذي بلغنا شهر ربيع الأول، الشهر الذي برز فيه نور الوجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من عالم الأرواح إلى عالم المادة، الشهر الذي استدار فيه الزمان وصار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض فمرحبا بك يا خير مولود ويا أكرم موجود، وبكرمه صرنا أكرم أمة (بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم).


وأضاف: مرت قرون كانت البشرية فيها تعيش في ظلام الجهل والحيرة والفراغ العقلي والخواء الروحي والتفكك الاجتماعي فالقوي فيها يأكل الضعيف، والضعيف مهضوم الحقوق مما جعل الكل ينتظر فرج السماء وفجأة دقت ساعة الصفر ودارت عجلة التاريخ ابتداء من ليلة الثاني عشر من ربيع الأول- (فوضع المصطفى وحق الهناء).
( والجن تهتف والأنوار ساطعة والحق يظهر من معنى ومن كلم). فهنيئا للبشرية بانكشاف الغمة وزوال العتمة، وإعلان حرية الإنسان من عبودية العجز وعبودية الهوى ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ).
مهنئا الأمة الإسلامية بميلاد المصطفى للرسالة والمجتبى الذي جاءنا بالبشري فبشر وأنذر وعندما نزل عليه قوله تعالى: (( فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)) وقف على الصفا وأعلن على رؤوس الأشهاد قائلا (يا أهل مكة، إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). فانتبهت البشرية من غفوتها، ودوت كلمة الله عبر الأثير فأسمعت الأذان الصماء وفتحت القلوب وعمت أركان المعمورة (فقد دان ما بين الأحابيش والتركي)؛ وصار الدين لله ((ألا لله الدين الخالص)) والمنهج: منهج الله، (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه). وصار الطريق واضح المعالم، ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها فلا يضل عنها إلا هالك ) صلى الله عليك يا نبي الرحمة وهادي الأمة وكاشف بإذن الله الغمة، فإننا نشهد بأنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده، وتركت أمة قوية الأواصر متينة العرى مهوبة الجانب ولكن !وماذا بعد لكن! يا أمة محمد فهل نحن الآن نمثل الأمة التي وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله:
((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)). أو إنه صدق علينا قوله صلى الله عليه وسلم (تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها فقيل له: أمن قلة فينا يا رسول الله؟ فقال بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ياللهول!
مشيرا خاطر: بأن العالم اليوم يئن تحت وطأة الحروب المدمرة والإرهاب المفزع والأمراض الفتاكة والجوع والعطش والفيضانات التي تغمر جانبا من الكون والحرائق التي تلتهم الجانب الآخر. وإذا نحن عرفنا ذلك، فينبغي على الكل الرجوع إلى الله بالإيمان والتوبة والإنابة. ولنغير ما بأنفسنا لكي يغير الله سبحانه وتعالى ما بنا. قال تعالى: ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم))، ولنتمسك بهذا الدين الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء وجعل غايته السعادة في الدنيا والآخرة. ولنتأسى بقائدنا الأول رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم فعندما بعثه الله هاديا ونذيرا دعا القوم إلى الله ولكنهم بادلوه العداء وأمعنوا في أذاه. فذهب إلى الطائف ولم يجد نصيرا كر راجعا إلى مكة. فجاء إليه ملك الجبال وقال له لو أمرتني لأطبقن عليهم الأخشبين. فقال له الرءوف الرحيم، إني آمل أن يخرج من أصلابهم من يعبدالله. هذا هو خلق التسامح. ولما تجمع القوم وجاءوا إلى عمه أبي طالب قائلين له: إن ابن أخيك سب آلهتنا وسفه أحلامنا فإذا كان بفعله هذا يطلب مالا جمعناه له حتى يكون أكثر مالا وإذا كان يريد ملكا ملكناه علينا وإذا كان مجنونا طلبنا له الطبيب. وإلا فننازلك حتى يفني الحيان فدعاه عمه ليخفف عنه وعن قومه-فهل ضعفت قواه لا والله، وهو الذي نزل في حقه: فإذا عزمت فتوكل على الله. وقوله تعالى: (( والله يعصمك من الناس)). فماذا قال ردا على طلب عمه هذا؟ ياعم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه. وهذا هو خلق العزم وها هو يجمع الأوس والخزرج في بيعتي العقبة الأولى والثانية تمهيدا لإقامة دولة الإسلام. وها هو يعقد معاهدة بين المسلمين والمنافقين واليهود لتكوين الدولة المتعددة الأطياف. وها هو داخل مكة فاتحا، فقد وقف أمامه صناديد قريش تعلوهم المذلة والهوان. فقال: (مخاطبقا إياهم: يأهل مكة، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية والتفاخر بالإباء والأنساب. فماذا ترون أني فاعل بكم؟ فقالوا أخ كريم وابن أخ كريم. فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء وهذا هو خلق الرحمة. الله أكبر وصدق الله العظيم حيث قال: (( لقد جاء كم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف الرحيم)).
مذكرا فضيلته: الأمة الإسلامية والتشادية من الدروس التي نستفيدها من هذه المواقف العظيمة نستفيد منها الآتي:
ـ المحافظة على وحدة الوطن ونشر ثقافة السلام بين صفوف المواطنين؛
ـ السعي إلى توحيد مكونات المجتمع كالأحزاب السياسية والجمعيات المدنية، والنقابات العمالية، والهيئات الدينية، وتوحيدهم تحت إطار الوطنية والمواطنة الآمنة؛
ـ درء المفاسد التي تنشأ عن النزاعات القبلية، والأثنية؛
ـ السعي إلى الإستفادة الكاملة من تجارب الماضي ومبشرات المستقبل من أجل إقامة دولة متماسكة الأوصال: أرضا وشعبا وحكومة؛
وعندها سيحمد القوم السرى.
مشيرا بأننا يجب أن نتذكر قول الله سبحانه وتعالى: (( واعلموا أن فيكم رسول الله)) فهو فينا الآن بذكراه، فينا الآن بسنته، فينا الآن بأخلاقه المتمثلة في القرآن الكريم.
فينبغي علينا أن نستفيد من هذه الذكرى: عظيم المعاني وأشرف الصفات ولنكن دعاة إلى منهج الله بالحكمة والموعظة الحسنة حتى تتحقق الخيرية في هذه الأمة لتكون أمة صالحة في آخرها كما صلحت في أولها- ولنتذكر هذا المولود الذي بدأ بميلاده سريان الخيرية في شرايين الأمة ولنربي أولادنا على أتباعه ليجدوا بذلك محبة الله، ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)).
ولنحمي شبابنا من موجه الإلحاد التي بدأت تنخر في جسد الجيل الحاضر ولنضعهم في طريق الإسلام الحق ولنكن سلما وسلاما للكل. ولنكن سدا منيعا لنحمي الأمة من تلك الموجات التكفيرية الإرهابية التي تندفع على غير هدى من الله.
موضحا بأن نعم الله علينا كثيرة فلنحمده سبحانه وتعالى ولنطلب منه المزيد من فضله (لأن شكرتم لأزيدنكم). حيث من علينا بتوحيد الكلمة، وتوحيد الرؤى. فنسألك يارب التوفيق لما تحب وترضى من القول والعمل حتى تعود إلينا هذه المناسبة في عامنا القادم وقد شيدنا أركان دولتنا وأوضحنا معالم الحياة الفاضلة لمجتمعنا ووضعنا المشاعل التي تضيء الطريق لأجيالنا القادمة.
حمانا الله من كل سوء وحمى بلادنا خاصة وبلاد المسلمين عامة من كل مكروه إنه ولي ذلك والقادر عليه وأهنئكم مرة أخرى بحلول ذكرى مولد النور والهدى، وكل عام والكل بألف خير.
ومما يجب الإشارة إليه فإن الاحتفال الرسمي الذي يقيمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بجمهورية تشاد بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف هو عبارة عن فاتحة الاحتفالات بميلاده صلى الله عليه وسلم، وختم الحفل بالتضرع الي الله عزوجل بأن يحفظ جميع العباد والبلاد من كل سوء.

تقرير: عيسى أبكر موسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *