هل ينظرون إلا تأويله

“””هل ينظرون إلا تأويله “”””
وسألني صاحبي قائلا: لقد انفتحت شهية القوم في الحوار الوطني الشامل، واسترسلوا في القيل حتى فيما كان محظورا ومحذورا من القول قبلا !! أو ماكنا منذ أمد بعيد نطالب بتكوين هيئة دينية نزيهة منتخبة مستقلة غير طائفية ولا ثلاثية الأبعاد لتمثل الوجهة الدينية الوسطية، وتكون بمؤهلات وخبرات ومواصفات، وأن لا أحد يفرض قناعاته وتجاربه على أحد بقوة الأمر الواقع !! وأن الحكم الفيصل هو “كتاب الله وسنة رسوله ومنهج السلف الصالح” وأن النوازل لها رجالها وأن الإنتماء يكون للإسلام فقط بلا زيادات ومضافات حديثة!! فعدوه حينها ضربا من الهلوسة والترف الفكري وحديث خرافة؟!
فقلت له:
إن الأوضاع قطعا قد تتغير ولو بعد حين، وإن كثيرا من ما كنا ندندن حوله سيأتي تأويله يوما، وهذه الأشراط ارهاصاته، فلقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول:
وإن في كتاب الله لآيات يفسرها الزمان، فأبى القوم إلا من يؤمن بالثوابت الثلاثة!! فصبرنا واحتسبنا لما يأتي به قادم الزمان! وفجأة تغيرت النبرة وتهافت القوم للتنفيذ! والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، بيد أن الرجوع القسري لا يؤجر فاعله ولا يعد له منقبة،
ولقد سرنا طرح هذا الموضوع في الحوار، فإن الطائفيين قد أفشلوا الخطاب الديني وأفلسوا في القيادة الدينية؛ لأنهم أبلسوا بما كسبوا وفرحوا بطرا بما عندهم من العلم،
*و إن أصحاب الثوابت الثلاثة غير الثابتة والهجين المتحور من التبع الذين لا يعترفون لعالم بعلمه ولا لفاضل بفضله ما لم يكن ثلاثيا!! وأي فكرة جاءت من دونهم شكوا فيها ووضعوا عليها سمعة حمراء فإما وأدوها في مهدها أو خنقوها ففطسوها وإما جرحوا صاحبها جرحا عميقا غائرا لا يكاد يندمل!
إلا إذا دنت الفأس من الرأس حينها يريدون جمع توقيعات ليكبروا بها كومهم! فهؤلاء بفروعهم ومناديبهم وحلقاتهم الطائفية، وأعيادهم التي ابتدعوها، قد دخلوا السياسة من أوسع أبوابها-دين الدولة- يعنون به العلمانية ودين الملك ووجه الطراد!!
فطاشت سهامهم وتفرقت بهم السبل في أروقة السياسة وأندية الساسة بين أودية الهزيمة وتيه الضياع الفكري!! فحاصوا مرة وباصوا أخرى، واستدرجهم الهوى!
“فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون”
*وإن الإخوان المسلمين في هذه البلدة لايزالون في”سرية التنظيم وسرية الدعوة” فهم كالماء في وصف الفقهاء “لا لون ولا طعم ولا رائحة”فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم فتستروا وتلونوا “ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا”
*وجمعية أنصار السنة: رجعوا إلى دار الأرقم، بعد حظرهم وتقوقعوا للغاية “فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم”
*وجماعة الدعوة والتبليغ: دوما هم خارج نطاق التغطية، وهم ألوف وضيوف، ولا شأن لهم بما يجري في هذه البلاد “يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا”
وهكذا إما متوغل حتى الثمالة وإما متقوقع للتقية وإما متستر في السرداب وإما ضيفن حظه الكفاف!! والساحة خالية إلا من اليعاسيب ذات الفلس الفكري، والسراعيب من ذوي الخمول الإنتاجي وإلا العيس التي أسقطت عن نفسها التكاليف! وإلا من بياعي الأعشاب المهرجين، والمسامير الملساء التي لم تعد تشد البنيان وإلا من الضراميم الكبار متعددي المناصب الذين نسوا أن”عبادة القصور لاتقل عن عبادة القبور” ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم”
*وعليه: فنقترح لأهل الحوار أن يكون الجهاز الديني المرتقب خاليا من مخلفات الطائفية الأولى ومن الحزبين السياسيين، والمسامير الملساء التي تآكلت بعوامل التعرية، و من فقهاء البلاط وسدنة صواع الملك و من وعاظ المآتم وبائعي الأعشاب ومن الضنفارة المحتالين،
ومن أصحاب الاستلحاق وأكيلة عشور التركات وفشلة الثانويات الليلية والنباشين، ويتكون من:
١- “خمسة عشر” عضوا عالما بالدين وسطيا في الدعوة إليه، يعرف أدب الحوار ولا ينتمي لأي طائفة، وأن تكون أقل مؤهلاته دكتوراه دولة.
٢-يتم انتخاب الرئيس من بينهم ويكون له نائبان بالمواصفات ذاتها.
٣-أمين عام، ويكون له نائبان كلاهما بالدرجة نفسها.
٤-و يتكون من بقية الأعضاء “مجلس الشورى”
٥- و يسمى”الهيئة العليا للشؤون الدينية” أو “هيئة كبار العلماء”
٦-يكون للتنظيمات الدينية الرسمية منسقية مع الهيئة وتكون تحتها مباشرة إشرافا وتوجيها.

  • فإن تعثر هذا الترتيب، فالهيئة تحل محل إدارة الشؤون الدينية والتقاليد والأعراف؛ لأنها بوضعها الحالى غير مفعلة، بل هي مسلوبة الإرادة والصلاحيات! من طرف
    “الذين غلبوا على أمرهم” وترفع إلى ” وزارة الشئون الدينية” وهي التي تعنى بالشأن الديني وتشرف على هذه الاتحادات والمجالس جميعها،
    *وأخيرا: لقد جئناهم بتصور فصلناه بوضوح، إن أرادوا محاربة التطرف الديني والجنوح الفكري والاستبداد الطائفي “هل ينظرون إلا تأويله”.

د. محمد البين السلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *