ظاهرة التحرش الجنسي في المواصلات العامة:
الروائي/ محمد عبدالله عبدالله أبكر

أصبح التحرش الجنسي من الظواهر الخطيرة التي تنذر بحدوث عديد من الكوارث المجتمعية، حتى مع محاولات المجتمع التصدي لمثل تلك الظواهر المرفوضة، فإنها في ازدياد، وفي ظل غياب الوعي الكافي والقواعد الأساسية للتربية، تواجه المرأة يومياً عديداً من مواقف التحرش في الشارع والمواصلات العامة والجامعات والمدارس.
يشمل التحرش الجنسي على مجموعة من الأشكال من ضمنها التحديق والنظر الغير لائق، والنداءات كالتصفير، والتعليقات حول شكل الجسم والمظهر، أو النكت الوقحة ذات الايحاءات الجنسية، أو الملامسة الغير مرغوب بها من قبل المتحرش بها، والتي يتظاهر المتحرش على أنها وليدة الصدفة وخارجة عن إرادته والتي تكون متعمدة كملامسة صدر ومؤخرة المتحرش بها، وقد تشعر النساء أيضاً بالمضايقة والتحرش الجنسي من خلال الايحاءات الجنسية المهينة كالتجسيد الإباحي بشتى أشكاله.


تتجذر كلمة التحرش الجنسي في عقولنا وأصبحت اشواكاً تنخر تفكيرنا: العيب، الشرف، الفضيحة، التهمة، ماذا سوف يقول الناس، عاهرة، عار ، عبئ، إبنة فلان، التحرش الجنسي جريمة تنهش المجتمع، ورصاصة تخترق جسد فتاة ولا تخرج منها تستنزف منها الامها وتضعها في دوامة الخوف والعجز ويبقى تأثيرها لمدى طويل وربما لا تمحى صفحات الاهانة أو الابتزاز والتهديد من المتحرش من ذاكرتها الذي وجد لنفسه متعة وحشية بفتك انيابه بجسد انثى، لكن للاسف الشديد في مجتمعاتنا تحمي الجلادين وتُعاقب الضحايا لا تقتصر معاناة الفتيات والنساء على تعرضهن للتحرش الجنسي بل تُحفر على اجسادهن تحمل المسؤولية التحرش والاعتداء الذي تعرضن له وما زلن يتعرضن له.
يندفع الكثيرون فيقولون ان التحرش الجنسي سببه لبس المرأة التي ترتديه الضحية قبل وقوع التحرش واثناؤه وبهذا المبرر تصبح الضحية هي السبب هي المجرمة لانها فتنت الرجل بملابسها واجبرته على ارتكاب وحشيته، وايضاً يبرر التحرش بوجود المرأة في الشارع في المجتمعات.
التأثير النفسي للتحرش:
لا ينتهي تأثير الصدمة بعد انقضاء حادثة التحرش، ولكن قد تعيش الفتاة في حالة من الصدمة المتجددة، عندما يتم استرجاع شريط الذكريات والاحداث المتعلقة بتلك الحادثة، أو عند توافر المثيرات النفسية التي تجعلها تمر بنفس المشاعر التي عاشتها في تلك التجربة، حيث يعد التحرش الجنسي من أبرز الصدمات النفسية العنيفة التي تعاني منها الكثير من السيدات حول العالم.
مراحل التأثير النفسي للتحرش:
يظل التحرش الجنسي من أسوأ الصدمات النفسية التي تمر عليهن خلال حياتهن، إذ تتعرضن لعدد من المراحل، مرحلة الصدمة: حدوث فعل التحرش سواء كان لفظيًا أو جسديًا أو بأي أسلوب آخر، يصيب الفتاة بالصدمة، نتيجة عدم توقعها لذلك الفعل، وتختبر عدد من المشاعر بشكل سريع ومفاجئ ومتعاقب، حيث يغلب عليها الشعور بالخوف والرعب والتوتر والعجز، فضلًاعن الشعور بالظلم.
مرحلة اضطراب ما بعد الصدمة: بعدما تختبر المرأة المشاعر المختلطة والمتعاقبة بعد وقوع صدمة التحرش، تدخل في مرحلة أخرى جديدة تعرف بـاضطراب ما بعد الصدمة، وعندها تشعر الفتاة بالظلم والقهر ولوم الذات، بسبب عدم القدرة على الدفاع عن النفس، أو أخذ أي إجراء ضد المعتدي، وقد تشعر بعدم الثقة في النفس، وتصاب ببعض الأعراض النفسية والبدنية: التوتر، واضطرابات النوم، واضطرابات الشهية.
كيف للمرأة أن تحمي نفسها من التحرش؟
المرأة نصف المجتمع ليست مجرد عبارة حماسية، بل واقع يفرض كثيراً من الأعباء والمسؤوليات بشكل يومي، ما يدفعها للنزول إلى الشارع سواء للذهاب إلى العمل أو القيام بكثير من المهام اليومية الضرورية، لذا، تواجه النساء التحرش الجنسي بشكل يومي، ما يترك كثيراً من الآثار النفسية المؤلمة، تبحث كثير من النساء عن سبل حماية أنفسهن من التحرش في الأماكن والمواقف المختلفة، لحماية نفسك من التحرش هي المواجهة القوية للآخرين، وهو ما يعني أنك شخصية قوية، فلا يؤذي المتحرش إلا للشخصية الضعيفة والمستكينة.
قلة التوعية الجنسية للرجال وانعدام الرقابة العائلية للأطفال واستغلال الازدحام في وسائل النقل التي تنعدم فيها أبسط وسائل المراقبة ليقوم المتحرش بفعلته الشنيعة التي تعلمها من المواقع الإباحية أو لمجاراته لبقية المتحرشين الذين أصبحوا يتنافسون على التحرش بالنساء لا مبالين بالأثر النفسي الذي يخلفه لها، كذلك صمت المجتمع عند رؤيتهم لمثل هذه الأفعال وتجاهلهم من نداء الاستغاثة الذي تطلقه المرأة عند اعتراضها ومقاومتها للمتحرش الذي يهددها وأحيانا يصل إلى ضربها واستعمال الأسلحة البيضاء لتهديدها.
احملي حقيبة ظهر: في الأماكن العامة، قد تتعرض النساء للدفع أو التلامس من الظهر، حمل حقيبة ظهر يمكن أن يكون حاجزاً لحماية ظهرك من محاولات التحرش الجسدي، تلك الحيلة فعّالة في المواصلات العامة كالحافلات المزدحمة.
اختاري المواقع الاستراتيجية: في المواقف الداخلية المزدحمة، اختاري مكاناً يمكنكِ فيه الوقوف وظهرك مقابل الحائط أو أي هيكل ثابت مثل الطاولات.
استخدمي ذراعيك درعاً: يعد عبور ذراعيك أمام صدرك إحدى الطرق لدرء أي تلامس، إذا كان عليكِ التمسك بعمود في أثناء ركوب الحافلة المزدحمة، فاقبضي على العمود الداعم بكلتا يديك مع إبقاء ذراع واحدة متدلية على صدرك، في أثناء الوقوف في طابور وظهرك تجاه شخص غريب، يمكنكِ إبقاء يديكِ خلف ظهرك للحماية.
استخدمي سماعات الأذن: يمكنك استخدام سماعات الأذن لضمان تجنب أي تعليقات أو عبارات غير مرغوب فيها، يصدر بعض المتحرشين عبارات بذيئة ليجعلك تشعرين بعدم الارتياح، إذ يمنحهم ذلك إحساساً زائفاً بالسلطة، تغطية أذنيك سيجعلك هدفاً أقل عرضة للمضايقات.
احملي أغراضاً للحماية: قراءة كتاب أو استخدام الهاتف المحمول طريقة أخرى لوضع حائل بينك وبين أي مضايقات محتملة.
استخدمي أظافرك الطويلة الحادة لخدش أيدي المتحرشين، واستخدم الكعب المدبب للرد على الرجال الذين قد يستغلون الحشد ليتحرشوا بهم من خلال ضغط أعضائهم الخاصة بنا وسط الحشود.
الموضوع معقد جداً ومرتبط بأجساد وحواس النساء، فالنظام الذكوري سلطة تاريخية، وتراكم قرون من التمييز ضد النساء، والمعالجة متعلقة بكيفية تخلص المرأة من الهيمنة الذكورية، والمعالجة العقابية القانونية.

آراؤكم عبر البريد الالكتروني: mohammed60702736@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *