معركة صناعة النفط ونتائج تأميمه

لقد اممت تشاد في يوم ٢٣ مارس ٢٠٢٣م أصول نفطها التي كانت تديرها الشركة الأمريكية العملاقة اكسون موبيل( EXXONMOBIL ) منذ عام ٢٠٠٣ إلى ذلك التاريخ و القرار اسأل كثيرا من حبر الموؤيدين للقرار والمعارضين له على الصعيد الداخلي والاقليمي والقاري والعالمي خصوصا الذين أكلوا من النفط التشادي إلى حد التخمة من خلال العناصر المحلية الفاسادة المفضلة لمصلحتها على مصلحة الوطن والمواطن والأمة
و شركائها من العالم من كل بحر قطرة ومسألة استخراج وادارة صناعة النفط من اكثر المسائل صعوبة على الاطلاق وتدور حولها أشرس المعارك خصوصا في الدول الواقعة في دائرة مصطلح السياسي الفرنسي ألفريد سوفيه( Alfred Souvy) (العالم الثالث) عام ١٩٥٢م وتشاد خاضت معركة تاميم نفطها وافلحت ولكن بقيت نتائج التاميم وتلك النتائج مرتبطة بقدرة تشاد في مواجهة الصعوبات والتحديات التي أمامها ومنها:
١/ النقص في الكادر الفني المؤهل في هذا المجال الدقيق الذي لا يتحمل اقل خطأ لمخاطره على حياة الإنسان والبيئة حاضرا و على المدى البعيد لا سمح ألله.
٢/ انتشار الفساد الاداري والمالي والرشاوي والمحسوبيات بسبب نقص التربية الدينية التي تزود الإنسان بمخافة الله والاستقامة والتربية الوطنية التي تزرع في الإنسان حب الوطن والتضحية من أجله والدفاع عنه بالغالي والنفيس في كل مكان وزمان و تقديم مصلحة الوطن والمواطن والأمة على مصلحته الخاصة وأداء الواجب تجاه الوطن قبل المطالبة بحقوقه الشخصية كما قال ابرهام لينكون( لا تقولوا ماذا قدم لنا الوطن ولكن قولوا دائما ماذا قدمنا للوطن) والتربية المدنية التي تزرع في الإنسان روح المدنية والتمدن والتفكير الصحيح و الرؤية الصحيحة والسلوك الصحيح والتصرف الصحيح والتعامل القويم مع الجميع و فهم المواطنة وحقوق الانسان والمساواة بين الناس أمام القانون والحوار والتعايش السلمي وقبول الاخر بغض النظر عن الدين والعرق والموطن و الثقافة واللغة وفي هذا المجال الدقيق على الحكومة التشادية اختيار كادر مؤهل ونزيه وغير ملوث بالقبلية والعشائرية والاقليمية والطائفية والحزبية ولم يسجل عليه مخالفات مالية او إدارية ومتمسك بالدين والفضيلة والطهر والقيم الاخلاقية الإنسانية الفاضلة والثقافة والعادات والتقاليد الاصيلة الموافقة للفطرة الإنسانية وغير المعارضة لنصوص التنزيل.
٣ / إهمال الصيانة والرقابة السائد في أغلب المرافق العامة والخاصة في تشاد وللأسف الشديد هذا الأمر أصبح الثقافة العامة لأغلب الموظفين في الدولة وعلى تشاد ان تضع تدابير واحتياطات واجراءات صارمة وإنزال العقوبات الرادعة على المخالفين والمقصرين.
٤ /محاولات فرض حصار غير مباشر على صناعة نفط تشاد وتسويقه من قبل الشركات النفطية العالمية المتعددة الجنسيات بصفة عامة والمتضررة من التاميم بصفة خاصة ولمواجهة هذا التحدي يجب تجنيد إعلام قوي وخلق لوبيات مؤثرة في مجالات تبادل الخبرات والتقنيات الحديثة والتسويق والتعليم وتأهيل المستدام للكادر التشادي في هذا المجال الدقيق في الجامعات والمعاهد العالمية المعروفة في العالم والتدريب المستدام للكادر المهني والفني في هذا المجال و التعاقد مع الخبرات العالية الخاصة وإنشاء آلية مستدامة للتنسيق والتعاون والتبادل للخبرات في هذا المجال مع الدول العربية والإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وهي غنية بالخبرات وغير مسيسة.
وتشاد ليست بدعة من الدول في تاميم النفط حيث قامت الجزائر بتاميم المحروقات في عام ١٩٧١ والعراق في عام ١٩٧٢ وتأمين صناعة نفط الكويت عام ١٩٧٥م وتاميم أرامكو من قبل المملكة العربية السعودية في عام ١٩٨٨م و اممت قطر شركة نفط قطر لعمليات التنقيب البري وشركة شل قطر لعمليات التنقيب البحري وأنشأت قطر الهيئة القطرية لإنتاج البترول بموجب مرسوم رقم ١٠٢بتأريخ ١٦ أكتوبر عام ١٩٧٦م الإمارات العربية المتحدة قامت بتاميم النفط والغاز الطبيعي بموجب مرسوم رقم ٧٧لسنة ٢٠٠٧وانشاء الشركة القابضة للنفط والغاز التي تم المصادقة عليها يوم ٣١ يونيو عام ٢٠٠٩ وفي الإمارات العربية المتحدة هنالك كثرة كاثرة من الشركات في هذا المجال وعلى راسها شركة ابوظبي الوطنية.
وليبيا بموجب قانون ٦٦ تم تأميم ٥١% من النفط الليبي للشركات العاملة في عام ١٩٧٣ وفي عام ١٩٧٤م صدر قانون رقم ١٠ لتاميم الشركة الليبية الأمريكية للنفط.
وسلطنة عمان اممت ٦٠% من النفط العماني في عام ١٩٧٤ من خلال شركة تنمية نفط عمان و٣٤% لشركة شل ٤% لشركة توتال و٢% لشركة بارتيكس بعد اربع سنوات من استلام سلطان قابوس بن سعيد بن تيمور السلطة في عمان رحمه الله تعالى.
و في إيران يوم ١٥ مارس عام ١٩٥١م صوتت الجمعية الوطنية الإيرانية على تأميم شركة الصناعة النفطية الإيرانية ولكن السيد رزم ارا رئيس وزراء إيران رفض تطبيق القرار فاستبدل بدكتور مصدق فطبق القانون ولكن توجه دكتور مصدق اليساري المعادي للرأسمالية زرع رعبا في قلوب الغربيين وقامت المخابرات الأمريكية للانقلاب عليه والاتيان بشاه رضا بهلوي واستمر الحال إلى عام ١٩٧٩م العام الذي استولى فيه اية الله روح الله الخميني بمساعدة من الغرب الأمر الذي ظل لغزا لعامة الناس في الشارع الوطن العربي الإسلامي بالرغم من ان الأمر لا يشكل لغزا للشارع الواعي في الغرب لانه لا يعاني من الأمية الثقافية بعكس شارع الوطن العربي الإسلامي الذي خدعه كل من أظهر معاداته لإسرائيل نظريا بسبب فلسطين المحتلة والقدس السليب وقال الخميني في مطار بورجيه بباريس قبل أن تقلع به طائرة فرنسية محروسة بطائرات حربية من سلاح الجو الفرنسي إلى طهران بانه يرمي بإسرائيل في البحر ولكنه لم يرش إسرائيل بقطرة واحدة من الماء ورش العرب بالدم في العراق و سوريا واليمن و لبنان والاهواز وعطلت عمل الحكومة في لبنان وكاد الأمر نفسه في العراق وقلاقل طائفية في شرق أرض الحرمين الشريفين ونيجيريا واستمرت إيران في احتلال الجزر العربية لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى هذه الساعة ونسأل الله ان يجعل الاتفاقية السعودية الإيرانية الأخيرة توقف الحروب الطائفية الإيرانية في الوطن العربي والإسلامي أو على الأقل في اليمن السعيد أصل كل العرب دار الحكمة( الحكمة يمانية)،كما ورد في الأثر علما ان هذه الاتفاقية حسب المختصين هي تكتيكية وليست استراتيجية بالنسبة لإيران فما هي احتياطاتنا نحن أهل السنة لمرحلة ما بعد انسلاخ إيران بنت عبد الله بن سبأ عن هذه الاتفاقية فما خطتنا نحن السنة للاستفادة من الاتفاقية في مراحلها الانية وهل يستفيد من الاتفاقية ولو ضمنا اهل السنة المطهدون في اهواز العربية وكردستان الإيراني التي كانت بها دولة مهاباد السنية التي ابتلعتها إيران عام ١٩٤٦م والسنة المعذبون في بلوجستان وسيستان وجيلان الإيراني فضلا عن اليمن.
تم الإعلان عن تاميم النفط في دولة جنوب السودان من شركة شفرون الحاصلة على حق الامتياز منذ عام ١٩٧٩ م وقررت الحكومة في عام ٢٠١٥ تعزيز قدرات شركة النبيل للنفط المملوكة للدولة ولكن بسبب الفيضنات والمشاكل السياسية والحروب الأهلية ونقص الخبرات والعدد الكافي من الكوادر الفنية المدربة والفساد الإداري والمالي والرشاوي والمحسوبيات وتهريب كميات معتبرة من النفط على يد فرق مافيا محلية وعالمية والعجز المالي حددت حكومة جنوب السودان 5 سنوات لتنفيذ قرار التأميم وطلبت من بعض الجهات الأجنبية ذات الخبرة مثل شركة او جي ان سي الهندية وبتروناس الماليزية القيام برفع حجم الإنتاج الذي كان قبل انفصال جنوب السودان ٣٥٠ الف برميل في اليوم ثم انخفض إلى ١٣٠ الف برميل في اليوم بعد الانفصال عن السودان الام وهذه الخطوة المتواضعة نفسها خففت من قبضة الشركات المتعددة الجنسيات المدربة على سرقة الجمل وما حمل واذلال الدول والشعوب التي يعتمد حكامها على قوات من القوى العظمى للاستمرار في الحكم الى يوم يبعثون ويا ليت جوبا بنت الخرطوم الكرم و الضيافة ما عاقت امها وعقوق الام ولد لها لعنة الفتن والحروب الأهلية واصبحت جنوب السودان دولة برئيس للجمهورية وجل مواطنيها رجعوا الى السودان الام بعد اكتشافهم مكيدة البارونا كوكاس المهلكة وهلا لسلفاكير الرجوع إلى الحقيقة والواقع كما فعل جون قارانق عندما اكتشف الحقيقة وعظم المكيدة وما هو خير وأصلح لأهل جنوب السودان ؟

جمهورية مصر العربية حالة خاصة في موضوع النفط بسبب القدم الحضاري حيث استخدم المصريون النفط الخام في عهد الفراعنة كما هو واضح في الرسومات الفرعونية وفي الازمنة المتأخرة مصر من اوائل الدول التي دخلت في الصناعة النفطية حيث اكتشفت ونقبت عن النفط في منطقة جمسة في عام ١٨٨٦م
وتم تاميم الصناعة النفطية في مصر بعد تاميم قناة السويس عام ١٩٥٦م و اممت نيجيريا نفطها في عام ١٩٨٥ ولكن هذا التاميم لم ينجح تماما بسبب اضطرابات في منطقة البترول والسرقات والفساد الإداري والمالي والرشاوي والمحسوبيات وكذلك غانا اممت نفطها واسندت الأمر إلى الشركة الحكومية تللوغانا ولم تنجح عملية التاميم وتراجعت عن القرار في عام ١٩٩٩م وعرضت شراكات على الشركات النفطية العالمية ورجعت بعض منها إلى غانا ولكنها غادرت البلاد من جديد بسبب الفساد الإداري والمالي والرشاوي والمحسوبيات و القرصنة البحرية والهجمات المسلحة وفرق مافيا بالرغم من توفر الكادر المؤهل في هذا المجال ودولة انغولا قامت بتاميم النفط والغاز الطبيعي في عام ٢٠٠٤م ٣٧% من نفطها والباقي في يد الشركات النفطية العالمية المتعددة الجنسيات وبعض الشركات الإقليمية ولديها صعوبة كبيرة في حتى ٣٧% من النفط بسبب الفساد الإداري والمالي والرشاوي وعدم الأمن وهي الدولة الثانية في انتاج النفط في إفريقيا وماذا يستفاد من هذا السرد ؟
ويستفاد من هذا السرد في أن عملية التاميم في الدول العربية والإسلامية في المشرق وشمال إفريقيا مرت بصورة جيدة ومقبولة ولم تسجل العملية نفس النجاح في دول إفريقيا جنوب الصحراء للأسف الشديد والسبب في ذلك يعود إلى الفساد الإداري والمالي والرشاوي والمحسوبيات وفرق مافيا منظمة لها شبكة محلية وعالمية ضخمة محمية من قبل أعلى السلطات في بعض دول المنطقة ولكي لا نستفيد من اخطائنا في إدارة ثروتنا النفطية بعد التاميم فلنستفد من أخطاء الدول التي فشلت في إدارة ثروتها النفطية بعد تاميمات غير مدروسة وكذلك الاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في إدارة ثروتها النفطية وطورت اقتصاداتها الوطنة وتمكنت من طرد الفقر والجهل والمرض او تخفيفها وتوفير أسباب حياة كريمة لابنائها فعليه اقترح على الحكومة التشادية تكليف بعض المراكز البحثية الوطنية وغيرها لإجراء بحوث دقيقة حول التجارب الناجحة والفاشلة في هذا المجال الدقيق الهام وتشكيل فرق مكافحة الفساد الإداري والمالي والرشاوي والمحسوبيات و الفساد مع تشديد الرقابة من قبل السيد رئيس الجمهورية إلى حين ولعل ذلك يعنا على تجنب الفشل بإذن الله تعالى ولو لا هذا الفساد لاستطعت إفريقيا في صنع حياة برج عاجية لابنائها.

الدكتور حقار محمد أحمد رئيس المركز الثقافي للبحوث والدراسات الأفريقية والعربية بتشاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *