ترامب والعودة للبيت الأبيض

اوراق الخريف
ترامب والعودة للبيت الابيض:
في خطابه بعد تأديته اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية السابع والاربعين ، أظهر دونالد ترامب هواجس العظمة التي يريد تطبيقها خلال السنوات الأربع من رئاسته وبقائه في البيت الابيض عندما اعلن أن بلاده ستكون قوة عسكرية كبرى وقوة اقتصادية وحدودها تتجاوز كندا وقناة بنما.!.
فرجل الأعمال والسياسي الجمهوري الذي اكتسح الانتخابات الامريكية ، أكد بكل شفافية وبصراحته المعهودة عنه ، انه سيكون هو صانع السلام في العالم، ويعود منتشيا ويقول للعالم :”إن إرثي الأكبر فخرا ، هو ان أكون صانع سلام وموحدا، هذا ما أريده وما أريد أن أقوم به”.
ومع ذلك يقوم اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية عموما على السيطرة على مناطق الثروة الاقتصادية والمواقع الاستراتيجية في العالم ، وكذلك بعض دول اوروبا ، لذلك ليس مستغربا الدخول في شراكات اقتصادية واستثمارية مع مختلف دول العالم لمن يريد النجاح الاقتصادي والتطور الصناعي والعسكري.
لذلك أمام ترامب تحديات كثيرة وكبيرة لتحقيقها ، منها وقف الحرب في اوكرانيا من خلال القوة والضغط على العواصم الاوروبية وكييف ، ومن ثم التعامل مع الرئيس الروسي بوتين في كيفية تهدئة الحرب لتحقيق أحد اهدافه ومتطلباته وهو السلام الذي يستلزم احترام الطرف الآخر ، وتقديم تضحيات ، ومن ثم الاسراع في التفاوض والوصول إلى حلول ترضي موسكو وكييف.!
ومن ثم سيتجه الرئيس ترامب ، للبحث عن صفقات وعقود على نطاق دولي ، ليؤمن الوضع الاقتصادي لبلاده من خلال منافسة الصين وروسيا في افريقيا ، وايضا توقيع العقود مع الدول الصديقة والحليفة مع الولايات المتحدة الامريكية من خلال فتح الأسواق لها لشراء معدات عسكرية وطائرات والتكنلوجيا الحديثة والمتطورة والاستحواذ على ماهو جديد في كافة المجالات ليحقق التوازن المنشود بين بلاده والقوى المنافسة.
وكما راينا فقد شرع الرئيس الأمريكي ترامب منذ اللحظات الأولى لعهده الثاني في البيت الأبيض بتفكيك إرث سلفه جو بايدن نهائيا ، متخذا سلسلة قرارات لافتة وقوية وسريعة داخليا وخارجيا ، فأطلق سلسلة من الإجراءات مستندا إلى ما يعده تفويضا شعبيا وقانونيا لتحقيق رغباته وسياساته واهدافه فيما يخص الهجرة والتجارة والصناعات والمثلية والتعليم وغيرها.
فاليوم لدى ترامب المقدرة ليكون صانع السلام ـ وينال جائزة نوبل للسلام ـ فيما اخفق غيره في تحقيقه، بل كان سببا في استمرار حرب غزة وحرب روسيا واوكرانيا ، وفي سوء العلاقات مع بعض الدول الصديقة.
لذا سارع الرئيس الجديد لتوقيع عشرات القرارات التنفيذية ، التي يتوقع أن تكون لها تأثيرات عميقة على السياسة الأمريكية التي اعتمدها بايدن مسبقا، وجاء اعتراف ترامب رسميا بالجنسين والانسحاب من معاهدة باريس للمناخ، وإطلاق عمليات التعدين على نطاق واسع واستخراج النفط والغاز والمعادن في ألاسكا والانسحاب من منظمة الصحة العالمية وفتح ملف اغتيال الرئيس كنيدي وغيره.
فمن اليوم ، فنحن سنكون أمام اربع سنوات حافلة بالمد والجزر والفرح والحزن ، والمكاشفة والمصارحة ، بعد السيطرة الجمهورية على الرئاسة ومجلس الشيوخ ومجلس النواب والقضاة في تشكيلة قوية للرئيس ترامب للسيطرة داخليا وخارجيا والتعاطي مع القضايا والازمات والملفات الشائكة بكل حزم.!
فبعد التغيير في سوريا ، ووقف الحرب في غزة ، وتعيين الرئيس في لبنان ، بدات الادارة الأمريكية بفتح الملف النووي الايراني ، وارسال رسائل للحوثيين وايران والصين ، وخلال الأيام المقبلة، سنرى الكثير من الرسائل من ترامب لقادة العالم خاصة روسيا وكوريا الشمالية لتحقيق التكافؤ الاقتصادي والسلام العالمي. وكما ذكرت في مقال سابق بعنوان “رصاصة غيرت امريكا” والَّتي أطلقت على دونالد ترامب خلال حملته الانتخابيَّة في بنسلفانيا، وأصابته في أذنه، ودخل التَّاريخ من أوسع أبوابه ؛ حيث بدا التأثير الترامبي على الأحداث والنزاعات في العالم من اول يوم تولى فيه السلطة.
فالشرق الأوسط يتطلع من إدارة ترامب دعم الحلفاء والتصدي للخصوم، فهل ستكون الأيام والسنوات القادمة مثيرة وتتسم بالاستقرار الداخلي والسلام الخارجي ونهضة اقتصادية امريكية وعالمية ، ام سيكون الرجل صعب المنال والتوقعات ، شعاره التقلبات والمصالح أولا ، والصفقات الاقتصادية ، ولا يقبل الخسارة ابدا ، لذا علينا ربط الأحزمة ، فالرجل لا يفرق بين الحليف والعدو، وهو الاكثر صراحة بين الرؤوساء الامريكيون على الاطلاق ، ويمكن أن يستعمل القوة الناعمة لتحقيق اهدافه المتعددة ، لذا العالم سيكون بين حذر وخوف منه خلال فتره حكمة التي تتطلب الحكمة في كيفية التعامل معه ، كما يجب على الرئيس الامريكي الا يلعب بالنار مع روسيا والصين وحلفاءه العرب .. والله من وراء القصد.

د.احمد بن سالم باتميرا
كاتب ومحلل سياسي عماني
batamira@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *