نبذة مختصرة عن قضاء التحقيق في تشاد وفق قانون الإجراءات الجنائية لعام 2019م

نبذة مختصرة عن قضاء التحقيق في تشاد وفق قانون الإجراءات الجنائية الجديد لعام 2019م

يعتبر التحقيق من ضمن أجهزة القضاء في الجنايات والجنح المعقدة لتسهيل النشاط القضائي ولإيضاح ما هو غامض في المسائل المذكورة أعلاه، ويتولى هذه المهمة قاضي يعين بمرسوم رئاسي بعد اعتماده من قبل المجلس الأعلى للقضاء ليحقق وفق مواد قانون الإجراءات الجنائي لاستظهار الحقيقية وذلك في ظل القانون الجديد ، واول قاضي تحقيق تم تعيينه هو القاضي أحمدي نأتي، ثم بعده القاضي محمد عمر مدني والاخير له مذكرة خاصة حول قاضي التحقيق ، وسابقا ان قاضي التحقيق يعين بأمر من رئيس المحكمة ، أي في ظل القانون القديم، فإذا التحقيق مهم وجزء لا يتجزأ في تسيير الدعوى العمومية، لذلك فقد منح المشرع التشادي في قانون رقم 12 الخاص بالإجراءات الجنائية ، أربعة فصول من الكتاب الثالث في المواد (296 إلى 350 ) سلطات واسعة لقاضي التحقيق لمساعدته في استظهار الحقيقية ، وجعل التحقيق إلزامي في الجرائم الجنائية والجنح المعقدة ، والجرائم المرتكبة من قبل الأحداث أو القصر ، وجرائم الاغتصاب المعاقب عليها في المادة 349 من القانون الجنائي، بالإضافة إلى الجرائم ذات الطبيعة الاقتصادية كاختلاس المال العام ، وذلك من أجل ضمان وسلامة الإجراءات والمصداقية ، ولما سيتيح من تعميق الأبحاث في هذا النوع من الجرائم الخطيرة والشائكة (المعقدة ).
وعليه فقد عرفت المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية بنصها : (أن قاضي التحقيق هو ذلك القاضي المكلف بالتحقيق في كل الجرائم الجنائية والجنح المعقدة بعد إبلاغه ( إخطاره ) من قبل النيابة الابتدائية بملتمس فتح التحقيق ، أو عن طريق الشكاية المباشرة مع تنصيب الطرف المدني ، والاخير عليه ان يحقق وفق شروط أحكام المواد 362 إلى 368 ق. إ .ج.
ووفق أحكام المادة 296 من القانون الإجرائي فإن لقاضي التحقيق الصلاحية المطلقة في أداء مهامه وأن يوقف أيا كان له علاقة بمسرح الجريمة وذلك بمجرد علمه .
وعلى ضوء ما تقدم وبعد ملامسنا لأهمية قاضي التحقيق في السلطة القضائية ، فإن لقاضي التحقيق اختصاصات ومهام يقوم بها لاستظهار الحقيقية، وهذه المهام تنقسم إلى قسمين :
اولا: باعتباره ضابط سامي للشرطة القضائية:

يختص قاضي التحقيق باعتباره ضابط سامي للشرطة بالبحث عن الحقيقية وجمع الأدلة، وإيضاح الوقائع الشائكة والغامضة، القاء القبض على المتهمين ، البحث والتفتيش ، اصدار مختلف الأوامر، استماع الاطراف وتحرير محاضر مختلفة ، وهذه المحاضر تتفرع إلى:
محضر الاستنطاق الأولي :
ويقصد بالاستنطاق في لغة القانون هو استفسار المتهم بوقائع الجريمة والظروف المحيطة بها من خلال طرح الأسئلة المختلفة على المتهم وتلقي الأجوبة منه ، ووفق أحكام المادة 303 من قانون الإجراءات الجنائية فان الاستنطاق الأولي هو اجراء اساسي يتعرف من خلاله قاضي التحقيق على شخصية المتهم وهويته، يخطره بالتهمة المنسوبة إليه ، ويخطره بأن له الحرية المطلقة في الادلاء بأقواله بدون حضور محاميه أو أن له الحق في اخذ محامي يدافع عنه، وذلك بعد احضاره بموجب أمر إخراج من السجن لإجراء التحقيق الأولي.
بعد الانتهاء من تلقي أقوال المتهم وتدوينها في المحضر، يوقع القاضي والمتهم والكاتب والمترجم ان وجد ، ثم يقرر قاضي التحقيق وضع المتهم إما في الحراسة النظرية ، أو تحت نظام الرقابة القضائية، أو ابقائه تحت الإفراج المؤقت بكفالة .
محضر الاستنطاق التفصيلي :
يأتي إجراء محضر الاستنطاق التفصيلي بعد محضر الاستنطاق الأولي بحيث يتم فيه تعميق التحقيق ، والتفصيل في كافة الأفعال المنسوبة ، أي مناقشته بشكل مفصل ، وذلك بعد إخطار محامي المتهم بالحضور، ووضع الملف تحت تصرفه قبل 24 ساعة على الاقل .
وأخيرا يقوم كاتب الضبط القضائي بتدوين ذلك في محضر الاستنطاق التفصيلي ويترجم للمتهم ، ويوقع عليه المتهم والكاتب والمترجم ، وإذا رفض المتهم التوقيع يشار إليه في المحضر .

محضر الاستماع إلى الطرف المدني :
الطرف المدني هو الشخص المتضرر في الجريمة والذي يطالب بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقته ، ويستمع إليه في محضر ليعرف القاضي ما الذي حصل في الواقعة وماذا يريد من تعويض .
محضر الإستماع إلى الشاهد : يستخلص من أحكام المادة 305 إلى 312 من قانون الإجراءات الجنائية أن قاضي التحقيق يستمع إلى شهادة الشهود الذين وردت أسماؤهم في ملتمسات النيابة سواء ملتمس فتح التحقيق الأولي ، أو الإضافي . وذلك لأن الشهادة هي من أهم وسائل الاثبات في المواد الجنائية من نفي أو إثبات الحقائق تجاه الوقائع والإجراءات ، لدى مثول الشاهد أمام قاضي التحقيق ، يطلب منه أن يفيده بجميع المعلومات المتعلقة بهويته ، ثم يطلب منه أن يؤدي القسم على قول الحقيقية ، ثم يدلي بأقواله في حدود ما شاهده وما سمعه ، وإذا تعدد الشهود فيستمع إليهم على انفراد ، فقد منحت المادة 307 للشاهد اتخاذ محامي يدافع عنه، عملا بأحكام المادتين 50 – 51 الخاصة بأخذ المحامين .
محضر المواجه :
وهو المحضر الاخير بحيث يتم فيه جمع المتهم والشهود والطرف المدني ، أو بمعنى آخر هو مواجهة المتهم بغيره من الشهود والطرف المدني فيما يتعلق بما صرح به كل منهم من أقوال سابقة ، والهدف من هذا الإجراء هو دفع المتهم إلى الاعتراف أو إلى تقرير ما ليس في صالحه .

ثانيا: باعتباره جهة قضائية مستقلة :
لقاضي التحقيق الصلاحية المطلقة في اتخاذ مجموعة من الأوامر القضائية على النحو التالي:

1- أوامر عند بدء التحقيق؛ وتتمثل في :

  • أمر بعدم الاختصاص، اذا تبين له أن الواقعة لا تدخل في دائرة اختصاصه المكاني، أو أن الجريمة ارتكبت من قبل دبلوماسي أجنبي.
  • أمر برفض التحقيق، وذلك اذا وجد سبب من اسباب انقضاء الدعوى العمومية كالتقادم، والتقادم في لغة القانون هو مضيء المدة القانونية للجرائم، أو موت المتهم ، إذا وجد مانع من الموانع الناشئة عن صفة الجاني كالسرقات التي ترتكب ما بين الأصول والفروع وفق المادة 403 من القانون الجنائي التشادي.
    2- أوامر أثناء التحقيق ؛ وتتمثل في :
  • أمر بالإفراج المؤقت ، وفق أحكام المادة 324 إلى 334 من قانون الإجراءات الجنائية.
  • أمر بالإيداع الاحتياطي في السجن وفق أحكام المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
  • الحجز التحفظي.
  • إلتقاط المكالمات
  • المنع من السفر ،والاقامة الجبرية .
    3- أوامر بعد الانتهاء من التحقيق وتتمثل في :
  • أمر بعدم المتابعة وفق أحكام المادة 338 ق . إ. ج، وذلك إذا تبين له أن الواقعة لا تشكل جناية أو جنحة معقدة ، أي إذا كانت الوقائع لا تقبل أي وصف جنائي،  أي كانت ذات طابع مدني .
  • أمر بإحالة المتهم أمام غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف. المادة 340 ، وذلك إذا تبين له أن الواقعة جناية ، والجناية هي تلك الجرائم الخطيرة والجسيمة والتي يعاقب عليها القانون بالسجن المؤبد ، أو السجن الذي يزيد على عشر سنوات.
    أمر بإحالة المتهم أمام غرفة جلسات الجنح بالمحكمة الابتدائية الكبرى ، وفق أحكام المادة 339 من قانون الإجراءات الجنائية ، وذلك اذا تبين له أن الواقعة مخالفة أو جنحة عادية.
    وكل ذلك يأتي بعد الالتماس النهائي (الاخير) للنيابة الإبتدائية ، وفق أحكام المادة 335 من ق ، إ ، ج .
    ملاحظة : وكل أوامر قاضي التحقيق أعلاه، تستأنف أمام غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف لمن لهم الحق في ذلك (النيابة ، الطرف المدني ، المتهم ، المسؤول عن الحقوق المدنية ) ، وفق أحكام المادة 344 إلى 350 من قانون الإجراءات الجنائية. وتعرف غرفة الاتهام وفق ما نصت المادة 351 من قانون الإجراءات الجنائية درجة عليا في قضاء التحقيق في المسائل الجنائية ، وتختص في استئناف الخصوم لأوامر قاضي التحقيق، أو هي الجهة الوحيدة التي تراقب كافة اعمال قاضي التحقيق .
    الخلاصة :
    وعلى ضوء ما تقدم ، فان قاضي التحقيق يتمتع بسلطات واسعة و مهمة في مجال التحقيق لاستظهار الحقيقية ومعرفة مرتكب الجريمة ، اذ نجد انه يقوم باستجواب المتهم ومواجهته بالأدلة المنسوبة إليه ، و يقوم بسماع الشهود ، والطرف المدني، و من خلال ذلك و بعد نهاية التحقيق يقوم بإصدارمختلف الأوامر القضائية وفق ما خوله له قانون الإجراءات الجنائية في مواده المختلفة.
    القاضي: آدم إبراهيم آدم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *