سيظل السابع من اكتوبر 2023 ، في ذاكرة التاريخ ، لما سطره أهل غزة من ملحمة بطولية باسلة لإيقاظ الضمير العالمي تجاه قضيتهم التي استمرت 75 عاما دون حل ، وظل الاحتلال الاسرائيلي مسيطرا على القدس وكل الإراضي الفلسطينية.
ليكون “طوفان الأقصى” هو الحراك الرئيسي للمقاومة الفلسطينية من غزة لطرد المحتل الصهيوني، واستعادة إرضه وكرامته بكل قوة من خلال قوة صغيرة لا تتعدى خمسة آلاف جندي ، رغم الحصار المفروض عليهم لسنوات، واليوم يفرضون رإيهم في وقف الحرب والهدنة وتبادل الاسرى ، ويكذبون كل الأكاذيب والمبررات التي كانت تتحدث عن حقوق الإنسان والعدالة والحرية وغيرها.
واليوم لا تستطيع أي دولة في العالم أن تستمر في موقفها مع اسرائيل ، فقد تغيرت الصورة والمواقف، بعد المجازر والإبادة وقتل الأطفال والنساء وضرب المستشفيات والمدارس في جرائم ضد الانسانية وحرب إبادة ، قلبت الأوضاع لصالح أصحاب الحق ، مؤكدة بأن موقف الغزاويين الفلسطينين أسهم في تغيير قواعد اللعبة الدولية وايضا شركاء إسرائيل الذين هدد البعض منهم بطرد السفراء ومنع الأسلحة عنها اذا لم يتم وقف العدوان الظالم.
لقد نجح رجال المقاومة في إجبار الأعداء على القبول بشروط المجاهدين ـ بعد حرب 50 يوما ـ بهدنة لتبادل الأسرى ، وبالتالي فان الأوضاع الدولية وتفاعل الشعوب في كافة الأقطار مع ما يحدث في غزة من حرب وقتل ، فرصة سانحة للتحرك العربي والإسلامي والعالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم على أرضهم وعاصمتها القدس.
فهذه الحرب ، عرّت الكثير من الدول ، وكثيرا من المنظمات والقانون الدولي، وكشفت للعالم صورة أمريكا وحلفائها ، وأكدت أن هناك خفايا لهذه الحرب وأهدافها تفوق التهجير فقط او احتلال غزة ، فالوضع لا يقبل التأويل او التحليل، فسقوط غزة بداية الانتشار والتوسع والسيطرة على أراضي وثروات دول أخرى.!.
والهدنة التي بدأت يوم الجمعة ولمدة اربعة ايام ، هي مؤقتة ولالتقاط الأنفاس ، وإعادة ترتيب الأوراق باتفاق الأطراف ، ولتبادل السجناء والرهائن 50 إسرائيلياً مقابل 150 فلسطينيا ، ولإدخال المساعدات والإغاثة لأهل غزة التي تحولت أرضهم إلى كلتة من الركام والدمار والخراب.
فشكرا لقطر ومصر لكونهم وسطاء الهدنة ، وشكرا لكل الدول العربية والإسلامية والإجنبية التي قامت بارسال المعونات الضرورية العاجلة الغذائية والمواد الاساسية ونأمل دخول المواد الصحية والغاز والوقود والمياه.
لذا يجب لهذه الحرب الإسرائيلية أن تتوقف بأي طريقة كانت ، ويحال المجرمون للمحكمة الدولية ويطبق ميثاق روما ، والقبول بالحل السياسي الذي تقوم به حاليا اللجنة العربية الإسلامية المشكلة من القمة العربية الاسلامية ، خاصة وأن المواقف السياسية الغربية تحديدا تغيرت نوعا ما عما كان سابقا.
فالأهداف الصهيونية انكشفت نتيجة صمود المقاومة الباسلة ، فلن تتغير خارطة الشرق الاوسط كما رسمها “نتانياهو” ولن يتم تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والاردن ، والفرصة اليوم مواتية إن نكتب التاريخ بالاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال استغلال خروج الشعوب كجماعات مليونية في مظاهرات شملت معظم دول العالم ضد حكامهم والمطالبة بوقف الحرب نهائيا.
فطوفان الأقصى حرّك الضمير العالمي ، وحان الوقت الآن لتسريع عجلة السلام وفق المبادرة السعودية – العربية ، وقطع الطريق لمن يسعى لخلق وضع جديد للشرق الاوسط والاستيلاء على ثرواته الطبيعية .. والله من وراء القصد.
د. أحمد بن سام باتميرا
batamira@hotmail.com
كاتب عماني