المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: يحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف

تحت شعار قوله تعالى:《 وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين 》. أقام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية عصر يوم الجمعة 7/10/2022 الموافق 11/ ربيع الأول/ 1444هجرية ، الاحتفال الرسمي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف. كان ذلك بقاعة وزارة الشؤون الخارجية والتكامل الافريقي والتشاديين بالخارج، بحضور ممثل رئيس المجلس العسكري الانتقالي السيد جبريل سعيد عمه، ورئيس المجلس  فضيلة الشيخ الدكتور محمد خاطر عيسى، وكل من سلطان مدينة انجمينا وضواحيها وسلطان شاري باقرمي وسلطان مدينة كسري الكمرونية وعدد كبير من الديبلوماسيين المعتمدين لدى البلاد، ورؤساء المؤسسات الكبرى بالدولة إضافة إلى المدعوين من مختلف المؤسسات إضافة إلى أعضاء المجلس.
المناسبة شهدت كلمة واحدة فقط قدمها رئيس المجلس فضيلة الشيخ الدكتور محمد خاطر عيسى.


حيث رحب في بدايتها بالحضور على تلبية الدعوة.
وقال  الحمد في الأولى والآخرة وإليه المئاب. نحمده  سبحانه وتعالى  الذي بلغنا شهر ربيع الأول، الشهر الذي برز فيه نور الوجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من عالم الأرواح  إلى عالم الشهادة،  الشهر الذي استدار فيه الزمان وصار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض.


فمرحبا بك يا خير مولود ويا أكرم موجود.وبكرمه صرنا أكرم أمة (بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم).
الجمع الكريم، فقد مرت قرون كانت البشرية فيها تعيش في ظلام الجهل والحيرة والفراغ العقلي والخواء الروحي والتفكك الاجتماعي فالقوي فيها يأكل الضعيف، والضعيف مهضوم الحقوق فقد صار الكل ينتظر فرج السماء وفجأة دقت ساعة الصفر ودارت عجلة التاريخ ابتداء من ليلة الثاني عشر من ربيع الأول- (فوضع المصطفى وحق الهناء).( والجن تهتف والأنوار ساطعة والحق يظهر من معنى ومن كلم). ويهتز إيوان كسرى وتسقط شرفائه إيذانا بسقوط الباطل وظهور الحق، وغاضت بحيرة طبرية ونضبت مياهها المرة إيذانا باضمحلال الجاهلية النتنة. وفاض وادي سماوي بالمياه العزبة المستساغة إيذانا بمجئ الإيمان والعلم والمعرفة. فهنيئا للبشرية بانكشاف الغمة وزوال العتمة، وإعلان حرية الإنسان من عبودية العجز وعبودية الهوى ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ).


الحفل الكريم،كما هو معلوم أن مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام هي الدعوة المنهج الذي يكفل للبشرية الحياة الكريمة في الدنيا والفوز برضى الله في العقبى ونحن إذا وضعنا الأمر في ميزان العقل سوف ندرك بلا شك أن رسولنا الأعظم، صلى الله عليه وسلم. هو ارفعهم قدرا وأعظمهم شأنا وهو الذي وصفه ربه بقوله: (( وإنك لعلى خلق عظيم)). وبقوله ((بالمؤمنين رءوف رحيم))، ووصف نفسه هو بقوله:(أدبني ربي فأحسن تأديبي)، (بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا من العناية ركنا غير منهدم).


ففي صبيحة اليوم الثاني عشر من ربيع الأول جاءت منة الله على الكون فولد المصطفى للرسالة والمجتبى للنذارة فبشر وانذر وعند ما نزل عليه قوله تعالى: (( فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)) وقف على الصفا وأعلن على رءوس الأشهاد قائلا (يا أهل مكة، إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). فانتبهت البشرية من غفوتها، ودوت كلمة الله عبر الأثير فأسمعت الأذان الصماء وفتحت القلوب الغافلة وعمت أركان المعمورة (فقد دان ما بين الأحابيش والتركي)؛ وصار الدين لله ((ألا لله الدين الخالص)) والمنهج: منهج الله، (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه). وصار الطريق واضح المعالم، ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها فلا يضل عنها إلا هالك ) صلى الله عليك يا نبي الرحمة وهادي الأمة وكاشف بإذن الله الغمة، فإننا نشهد بأنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده، وتركت أمة قوية الأواصر متينة العرى مهوبة الجانب ولكن !وماذا بعد لكن! يا أمة محمد فهل نحن الآن نمثل الأمة التي وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله:
((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)). أو إنه صدق علينا قوله صلى الله عليه وسلم (تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها فقيل له: أمن قلة فينا يا رسول الله؟ فقال بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ياللهول!.


الجمع الكريم، نحن إذا نظرنا إلى العالم الآن وهو يئن تحت وطأة الحروب المدمرة والإرهاب المفزع والأمراض الفتاكة والجوع والعطش والفيضنات التي تغمر جانبا من الكون والحرائق تلئهم الجانب الآخر. وإذا نحن عرفنا ذلك، فينبغي على الكل الرجوع إلى الله بالإيمان إذا لم يكن مؤمنا من قبل وبالتوبة والإنابة إذا كان مؤمنا من قبل. لكي يغير الله سبحانه وتعالى ما بنا. قال تعالى: ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم))، ولنتمسك بهذا الدين الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء وجعل غايته السعادة في الدنيا والآخرة. ولنتأسى بقائدنا الأول رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم فعندما بعثه الله هاديا ونذيرا دعا القوم إلى الله ولكنهم بادلوه العداء وأمعنوا في أذاه. فذهب إلى الطائف ولم يجد نصيرا كر راجعا إلى مكة. فجاء إليه ملك الجبال وقال له لو أمرتني لأطبقن عليهم الأخشبين. فقال له الرءوف الرحيم، إني آمل أن يخرج من أصلابهم من يعبدالله. هذا هو خلق الرحمة. ولما تجمع القوم وجاءوا إلى عمه أبي طالب قائلين له: إن ابن أخيك سب آلهتنا وسفه أحلامنا فإذا كان بفعله هذا يطلب مالا جمعناه له حتى يكون أكثر مالا وإذا كان يريد ملكا ملكناه علينا وإذا كان مجنونا طلبنا له الطبيب. وإلا فننازلك حتى يغني الحيان فدعاه عمه ليخفف عنه وعن قومه-فهل ضعفت قواه لا والله، وهو الذي نزل في حقه: فإذا عزمت فتوكل على الله. وقوله تعالى:     (( والله يعصمك من الناس)). فماذا قال ردا على طلب عمه هذا؟ ياعم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه. وها هو يجمع الأوس والخزرج في بيعتي العقبة الأولى والثانية تمهيدا لإقامة دولة الإسلام. وها هو يعقد معاهدة بين المسلمين والمنافقين واليهود لتكوين الدولة المتعددة الأطياف. وها هو داخل مكة فاتحا، فقد وقف أمامه صناديد قريش تعلوهم المذلة والهوان. فقال: (مخاطبقا إياهم: يأهل مكة، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية والتفاخر بالإباء والأنساب. فماذا ترون أني فاعل بكم؟ فقالوا أخ كريم وابن أخ كريم. فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء. الله أكبر وصدق الله العظيم حيث قال: (( لقد جاء كم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف الرحيم)).
الحفل الكريم؛ فما الدوس التي نستفيدها من هذه المواقف العظيمة نستفيد منها الآتي:
المحافظة على وحدة الوطن ونشر ثقافة السلام بين صفوف المواطنين؛
السعي إلى توحيد مكونات المجتمع كالأحزاب السياسية والجمعيات المدنية، والنقابات العمالية، والهيئات الدينية، وتوحيدهم تحت إطار الوطنية والمواطنة الآمنة؛
درء المفاسد التي تنشأ عن النزاعات القبلية، والأثينية؛
السعي إلى الإسفادة الكاملة من مخرجات الحوار الوطني الشامل والسيادي لإقامة دولة متماسكة الأوصال: أرضا وشعبا وحكومة؛
وهذا لا يتم لنا إلا باستمرار اليد الممدودة للمصالح  لجمع أبناء تشاد عموما وعندها سيحمد القوم السرى.   
الحفل الكريم، فلنتذكر قول الله سبحانه وتعالى: (( واعلموا أن فيكم رسول الله)) فهو فينا الآن بذكراه، فينا الآن بسنته، فينا الآن بأخلاقه المتمثلة في القرآن الكريم.
فينبغي علينا أن نستفيد من هذه الذكرى: عظيم المعاني وأشرف الصفات ولنكن دعاة إلى منهج الله بالحكمة والموعظة الحسنة حتى تتحقق الخيرية في هذه الأمة لتكون أمة صالحة في آخرها كما صلحت في أولها- ولنتذكر هذا المولود الذي بدأ بميلاده سريان الخيرية في شرايين الأمة ولنربي أولادنا على أتباعه ليجدوا بذلك محبة الله، ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)).
ولنحمي شبابنا من موجه الإلحاد الذي بدأت ينخر في جسد الجيل الحاضر ولنضعهم في طريق الإسلام الحق ولنكن سلما وسلاما للكل. ولنكن سدا منيعا لنحمي الأمة من تلك الموجات التكفيرية الإرهابية التي تندفع على غير هدى من الله.
الحضور الكرام: نعم الله علينا كثيرة فنحمده سبحانه وتعالى ونطلب منه المزيد من فضله (لأن شكرتم لأزيدنكم). حيث من علينا بتوحيد الكلمة، وتوحيد الرؤى، فها هم جميع أبناء تشاد يجتمعون في هذا المعلم الحضاري الكبير. لبناء الدولة وتنظيم حياة المجتمع. فنسألك يارب التوفيق لما تحب وترضى من القول والعمل حتى نخرج من حوارنا هذا وقد شيدنا كل أركان دولتنا وأوضحنا معالم الحياة الفاضلة لمجتمعنا ووضعنا المشاعل التي تضئ الطريق لأجيالنا القادمة.
حمانا الله من كل سوء وحمى بلادنا خاصة وبلاد المسلمين عامة من كل مكروه إنه ولي ذلك والقادر عليه وأهنئكم مرة أخرى بحلول ذكرى مولد النور والهدى، وكل عام والكل بألف خير.
ونشيروا الي أن هذه المناسبة تخللتها تقديم قصائد نبوية تجسد أوضافه وأخلاقه صلى الله عليه وسلم من قبل فرقة حسان بن ثابت.

تقرير: عيسى أبكر موسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *