ملكى الصالحين.. موسم أولياء زاوية آسا

ملكَى الصّالحين.. موسم أولياء زاوية آسا


أسفل هضبة “أوريل الأنبياء”، أو ملتقى الأنبياء، وحول أضرحة متناثرة تجمع رُفاة 366 وليا صالحا، يُقام موسم زاوية آسا – ملكَى الصَّالحين، كل عام، تزامنا مع مناسبة المولد النبوي الشريف.
شكل هذا الموسم الديني على مدى يزيد عن 700 عام، فضاء للمتصوفة وللذاكرين، و”سوقا” للأدباء والشعراء والمُفكرين، وملتقى للتجار ، ومناسبة للتواصل والتلاقي وصلة الأرحام بين القبائل الصحراوية.
لقد أسهم تضافر عوامل متعددة، وسياقات تاريخية متمايزة في جعل قصر آسا، الذي شكل نواة آسا الحديثة على ضفتي الواحة، فضاءً ديناميّاً جاذباً، ومجالا خصباً للاستقرار والتعايش  واحتضان النشاطات البشرية المختلفة.
وساهم ظهور الزاوية واقترانها بذكرى الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف في تعزيز تلك الأهمية الاقتصادية/التجارية للحاضرة فضلا عن ما يوفره من دفء ديني يقوم على روح التعايش والتساكن ونشر المعارف الإسلامية المعتدلة.
  ولعب موسمها التجاري القديم – أموكَار، دوراً بالغاً في انفتاحها على محيطها الإقليمي والعالمي، وربط إثنياتها بشعوب أحوازها الإفريقية المجاورة (السودان ومالي والجزائر) وأقطارها البعيدة (شعوب البحر الأبيض المتوسط).
ومن الطبيعي أن يتطور تنظيم الموسم ليأخذ لبوسا حديثا لاسيما بعد إدراجه ضمن الجرد الوطني للتراث الثقافي المغربي في 2 مارس من سنة 2017 ، ثم وضعه من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم – يونيسكو على لائحة الانتظار للتنصيف ضمن قائمة التراث للامادي العالمي للإنسانية في 21 مارس 2018 .

منحت هذه الاعترافات المُقدرة موسم زاوية آسا – ملكَى الصَّالحين موقعا خاصا، يتكامل مع عناصر التراث مُتعدد الروافد بالمملكة المغربية، جعلت القائمين عليه يتطلعون إلى جعله مركزا لتعزيز جاذبية الإقليم، الذي يتربع على مساحة تزيد عن 27 ألف كيلومتر مربع، على واجهتين حدوديتين، تربطانه بإقليم السمارة جنوبا وبالجزائر شرقا.

لا يشكل موسم زاوية آسا، الضاربة جذوره في أعماق التاريخ عنصر جذب واهتمام بالتراث الصحراوي والعادات والتقاليد الأصيلة، التي تميز المنطقة فحسب، بل يشكل عنصر استقطاب للمعرفة العالمة في التصوف بتقاطعاته الجامعة، وللفنون العربية والأمازيغية والإفريقية، مما سيؤهله، لا محالة، ليصبح رافعة حقيقة للتنمية.
وفي هذا الصدد، فإن الارتقاء بموسم زاوية آسا إلى مصاف الفعاليات المماثلة في المنطقة الجنوبية للمملكة المغربية، وفي شمالها، يتطلب المزيد من المثابرة والإبداع في زيادة وتنويع مصادر التمويل، ليمنح للبرمجة الثقافية قوة دافعة، تجعلها تستقطب جمهور المهتمين بكافة فئاتهم، بعد استقرار القناعة الجماعية لدى الفاعل السياسي في المغرب، على أن الثقافة لم تعد عنُصر ترف، بل أصبحت رافعة للتنمية.
تُفتتح نسخة الموسم الديني لزاوية آسا – ملكَى الصَّالحين هذا العام يوم الثلاثاء 4 أكتوبر الجاري وتستمر لستة أيام، تقام خلالها الفعاليات الثقافية ومسابقات الهجن وركوب الخيل، وليالي الذكر، موازاة مع معارض الخيام الموضوعاتية والسوق التجاري، ويُختتم بشعيرة نحر الناقة بساحة زاوية آسا، احتفاء بمناسبة المولد النبوي الشريف.

#نايف شرارة
كاتب كويتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *